تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

قَالَ سُفْيَانُ كَذَا حَفِظْتُ أَلَا وَقَدْ رَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ).

ويرد على هذا القسم سؤال: إذا كان المقصود هنا: الحكم دون اللفظ، فلم نزل اللفظ ابتداء، ولم ينزل الحكم سنة: قولية أو عملية لا يتعبد بلفظها؟، والجواب أنه: يجوز أن يكون نزوله ابتداء قرآنا: لتثبيت الحكم لتحفظه الصدور، فإذا ما ارتفعت الحاجة بحفظ الصدور للحكم الذي يدل عليه وجريان العمل به، كما جرى العمل بالرجم في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فصار ثابتا بقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، كما في حديث: أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَا

جَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ اقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ فَقَامَ خَصْمُهُ فَقَالَ صَدَقَ اقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ إِنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ فَقَالُوا لِي عَلَى ابْنِكَ الرَّجْمُ فَفَدَيْتُ ابْنِي مِنْهُ بِمِائَةٍ مِنْ الْغَنَمِ وَوَلِيدَةٍ ثُمَّ سَأَلْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ فَقَالُوا إِنَّمَا عَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ أَمَّا الْوَلِيدَةُ وَالْغَنَمُ فَرَدٌّ عَلَيْكَ وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ وَأَمَّا أَنْتَ يَا أُنَيْسُ لِرَجُلٍ فَاغْدُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا فَارْجُمْهَا فَغَدَا عَلَيْهَا أُنَيْسٌ فَرَجَمَهَا.

وفعله، إذا ما ارتفعت هذه الحاجة ارتفعت الحاجة إلى اللفظ فرفع من المصحف، وصار كبقية أدلة السنة يفيد بمعناه ولا يتعبد بمبناه.

ونسخ كليهما: كنسخ عشر رضعات معلومات بخمس معلومات.

فرفع اللفظ والحكم معا، كما في حديث عائشة رضي الله عنها: (كَانَ فِيمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ الْقُرْآنِ عَشْرُ رَضَعَاتٍ يُحَرِّمْنَ ثُمَّ نُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ فَتُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُنَّ مِمَّا يُقْرَأُ مِنْ الْقُرْآنِ)، وهذا لفظ أبي داود، رحمه الله، في "سننه".

ومعنى قولها: (وَهُنَّ مِمَّا يُقْرَأُ مِنْ الْقُرْآنِ)، أي: أن النسخ كان متأخرا فوقع في آخر حياة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فلم يبلغ كثيرا من القراء إلا بعد وفاته، وهذا أمر لا إشكال فيه إذ الخبر في بداياته لا يعلمه كل الناس فإذا ما انتشر واشتهر علمه من لم يكن يعلمه، ولذلك لا يعمل بالناسخ إلا بعد العلم، فقد يرد الناسخ، ولا يبلغ المكلف إلا بعد زمن، فلا يطالب بقضاء ما فاته، لأن مناط التكليف في هذه الصورة: العلم بورود الناسخ، وقد استدل بعض أهل العلم لهذا بحال أصحاب هجرة الحبشة، فقد كانوا في أرض لا يبلغهم الخبر فيها إلا بعد وروده بزمن.

وكما في أحاديث متعة النساء، فرغم تقدم نسخها إلا أن بعض الصحابة والتابعين لم يعلموا به، فأفتوا بحلها حتى بلغهم الناسخ، فارتفع الخلاف بإجماع من يعتد بإجماعه على تحريمها، وقد تقرر في الأصول أن: الإجماع بعد الخلاف يرفعه.

*****

ومن مسائل هذا الباب:

مسألة النسخ والنسأ:

فقد أدى الخلط بينهما إلى وقوع إشكال في فهم بعض آيات الكتاب العزيز، كآيات الصبر على أذى الكفار، وآيات الأمر بقتالهم.

فكثير من المفسرين يقول: نسخ المتأخر منها المتقدم، فنسخت آيات السيف آيات الصبر، وبعض أهل العلم يقول: هي منسوءة، فيعمل بكلٍ في زمنه، ففي زمن الضعف: يعمل بنصوص الصبر، وفي زمن القوة: يعمل بنصوص السيف، فجهاد الطلب لا يكون إلا عن قوة، بخلاف جهاد الدفع فهو فرض عيني على أهل المحلة إذا دخلها العدو، وقد يكون الجهاد محرما كما كان الحال في صدر الإسلام، إذ هو آنذاك مظنة: هلاك الجماعة المسلمة القليلة العدد والعدة وهلاكهم هلاك لدعوة الحق، فكانت المصلحة في تحريم الجهاد مع كونه عبادة، لأن مصلحة الإبقاء على حياة المسلمين آنذاك لتحمل أعباء الدعوة ونشرها بين الناس بالحجة والبرهان أعظم من مصلحة قتالهم عليها، فإذا ما قويت شوكة المسلمين وصار لهم

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير