تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ومنه آية: (وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا)، فهي منسوخة بآية الحد، وقال بعض أهل العلم هي: مغياة، وغايتها: آية الحد.

وقال بعض أهل العلم: نسخت بآية الرجم التي نسخ لفظها: (والشيخ والشيخة .......... )، وهذا دليل على أن النسخ فيها قد وقع على اللفظ لا الحكم، فصار الحكم صالحا لنسخ آية الإمساك في البيوت. وقد يقال بأن السنة المتواترة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم والخلفاء الراشدين المهديين من بعده هي الناسخة لآية الإمساك، ويرد على ذلك: منع نسخ القرآن بالسنة، وقد يجاب عن ذلك بأن السنة هنا: متواترة، فلا إشكال في نسخ القرآن المتواتر بالسنة المتواترة، فإن أبى المانعون لأن القرآن لا ينسخه إلا قرآن مثله، فلقائل أن يقول: شرط استواء الناسخ والمنسوخ في القوة: غير مسلم به، لأن النسخ إنما يقع على الحكم، ودلالة المتواتر والآحاد، كليهما، على الحكم، قد تكون قطعية أو ظنية، فلا مانع أن يقضي الآحاد القطعي على المتواتر الظني، وتقدم ذلك من كلام القرطبي رحمه الله.

*****

ومن مسائل هذا الباب:

معرفة النسخ:

فلمعرفته طرق منها:

أولا: نص النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم على ذلك، كما في حديث ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُور فَزُورُوهَا.

ثانيا: إجماع الأمة على النسخ، فالإجماع، عند التحقيق، لا يَنْسَخْ ولا يُنْسَخْ، لعصمة الأمة من الاجتماع على ضلالة، وإنما يدل الإجماع على الناسخ.

ومن ذلك حديث معاوية رضي الله عنه: (مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَاجْلِدُوهُ فَإِنْ عَادَ فِي الرَّابِعَةِ فَاقْتُلُوهُ)، فالإجماع على نسخه، كما ذكر ذلك الترمذي، رحمه الله، وتابعه النووي رحمه الله.

قال الترمذي رحمه الله:

"قَالَ سَمِعْت مُحَمَّدًا يَقُولُ حَدِيثُ أَبِي صَالِحٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ ثُمَّ نُسِخَ بَعْدُ هَكَذَا رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَاجْلِدُوهُ فَإِنْ عَادَ فِي الرَّابِعَةِ فَاقْتُلُوهُ قَالَ ثُمَّ أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي الرَّابِعَةِ فَضَرَبَهُ وَلَمْ يَقْتُلْهُ وَكَذَلِكَ رَوَى الزُّهْرِيُّ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَ هَذَا قَالَ فَرُفِعَ الْقَتْلُ وَكَانَتْ رُخْصَةً وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ لَا نَعْلَمُ بَيْنَهُمْ اخْتِلَافًا فِي ذَلِكَ فِي الْقَدِيمِ وَالْحَدِيثِ وَمِمَّا يُقَوِّي هَذَا مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَوْجُهٍ كَثِيرَةٍ أَنَّهُ قَالَ لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ النَّفْسُ بِالنَّفْسِ وَالثَّيِّبُ الزَّانِي وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ". اهـ

وذهب ابن حزم، رحمه الله، إلى العمل به مطلقا، وتوسط شيخ الإسلام، رحمه الله، فقال: يقتل إذا لم يندفع شره إلا بذلك، فينزل منزلة الصائل، وقد يرجح هذا القول: أن فيه إعمالا للنص دون معارضة لبقية النصوص، و: إعمال النصوص أولى من إهدار أحدها بنسخ أو ترجيح.

ثالثا: معرفة المتقدم من المتأخر، وهذا من المواضع التي تظهر فيها فائدة معرفة المكي من المدني، فينسخ المتأخر المتقدم، وينسخ المدني المكي إن تعذر الجمع، فالإعمال أولى كما تقدم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير