الجزئي، وقال بعض أهل العلم: ليس هذا نسخا، وإنما هو تخصيص لعموم الأمر بالنفرة، فلا يجب على غير القادر لضعف أو مرض أو عمى ............... إلخ.
وسبق أن بعض أهل العلم جعل آيات الجهاد من قبيل المنسوء لا المنسوخ فيعمل بكل منها في محله.
*****
وجعل منه أيضا:
قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلًا)، فقد نسخ أولا بقوله تعالى: (عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآَنِ)، ثم نسخ الناسخ بالفرائض المكتوبة في نحو قوله تعالى: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ).
بتصرف نقلا عن "التيسير في أصول التفسير"، (1/ 125، 126)، للدكتور أحمد الشيمي.
ومما سبق يتضح أن العلماء لا يلجئون إلى القول بالنسخ إلا عند تعذر الجمع، فالأصل عندهم: إعمال النصوص ما أمكن، لأن في إهدارها بنسخ أو تأويل متكلف يقصر عمومها على أفراد بعينهم، أو صور نادرة لا تكاد تقع، إهدارا لموارد الشريعة.
*****
ومن مهمات هذا الباب:
مسألة: نسخ الأخبار، فإن الخبر لا يقبل النسخ، لأن في نسخه تكذيبا للمخبر، والكذب غير جائز في أخبار الوحي وأخبار صاحب الشريعة صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وبذلك رد على أهل البدع الذين يقدحون في عدالة الصحابة، رضي الله عنهه، محتجين بجواز وقوع نسخ أخبار من قبيل:
(وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ).
وقوله تعالى: (لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا)، فأكد الرضا باللام وقد التي تفيد التحقيق بدخولها على الماضي، فالرضا قد ثبت لهم وانتهى الأمر، فلا يقبل نسخا أو تغييرا.
قال في "الصواعق المحرقة":
"ومن رضي عنه تعالى لا يمكن موته على الكفر، لأن العبرة بالوفاة على الإسلام، فلا يقع الرضا منه تعالى إلا على من علم موته على الإسلام". اهـ
وقال شيخ الإسلام، رحمه الله، في "الصارم المسلول":
"والرضا من الله صفة قديمة فلا يرضى إلا عن عبد علم أنه يوافقه على موجبات الرضى ومن رضي الله عنه لم يسخط عليه أبدا .................... وقد بين في مواضع أخر أن هؤلاء الذين رضي الله عنهم هم من أهل الثواب في الآخرة يموتون على الإيمان الذي به يستحقون ذلك كما في قوله تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة".
وأيضا فكل من أخبر الله أنه رضي عنه فإنه من أهل الجنة وإن كان رضاه عنه بعد إيمانه وعمله الصالح فإنه يذكر ذلك في معرض الثناء عليه والمدح له فلو علم أنه يتعقب ذلك ما يسخط الرب لم يكن من أهل ذلك". اهـ بتصرف.
وقال ابن حزم رحمه الله:
"فمن أخبرنا الله، عز وجل، أنه علم ما في قلوبهم، ورضي عنهم، وأنزل السكينة عليهم، فلا يحل لأحد التوقف في أمرهم أو الشك فيهم ألبتة". اهـ
ومن قبيل: حديث عبد الرحمن بن عوف، رضي الله عنه، مرفوعا: (أَبُو بَكْرٍ فِي الْجَنَّةِ وَعُمَرُ فِي الْجَنَّةِ وَعُثْمَانُ فِي الْجَنَّةِ وَعَلِيٌّ فِي الْجَنَّةِ وَطَلْحَةُ فِي الْجَنَّةِ وَالزُّبَيْرُ فِي الْجَنَّةِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فِي الْجَنَّةِ وَسَعْدٌ فِي الْجَنَّةِ وَسَعِيدٌ فِي الْجَنَّةِ وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ فِي الْجَنَّةِ)، فهل يقول عاقل بأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بشر من سبق في علم الله، عز وجل، أنهم سيرتدون بالجنة؟!!!!
¥