تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وسلم، وإن كان محدثا بعده، ومغيرا لما فعله هو صلى الله عليه وسلم". اهـ، "اقتضاء الصراط المستقيم"، ص388، 389.

وبعد أن جمع عثمان، رضي الله عنه، الناس على حرف واحد، أمر بإحراق المصاحف التي تخالفه، حسما لمادة النزاع، وقد حمد الصحابة، رضي الله عنه، صنيعه، فكان إجماعا منهم، أشار إليه الحافظ، رحمه الله، في "الفتح" بقوله: "وَقَدْ جَاءَ عَنْ عُثْمَان أَنَّهُ إِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ بَعْد أَنْ اِسْتَشَارَ الصَّحَابَة، فَأَخْرَجَ اِبْن أَبِي دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ صَحِيح مِنْ طَرِيق سُوَيْد بْن غَفَلَةَ قَالَ " قَالَ عَلِيّ: لَا تَقُولُوا فِي عُثْمَان إِلَّا خَيْرًا فَوَاَللَّهِ مَا فَعَلَ الَّذِي فَعَلَ فِي الْمَصَاحِف إِلَّا عَنْ مَلَأ مِنَّا " قَالَ مَا تَقُولُونَ فِي هَذِهِ الْقِرَاءَة؟ فَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ بَعْضهمْ يَقُول إِنَّ قِرَاءَتِي خَيْر مِنْ قِرَاءَتك وَهَذَا يَكَاد أَنْ يَكُون كُفْرًا، قُلْنَا: فَمَا تَرَى؟ قَالَ: أَرَى أَنْ نَجْمَع النَّاس عَلَى مُصْحَف وَاحِد فَلَا تَكُون فُرْقَة وَلَا اِخْتِلَاف. قُلْنَا: فَنِعْمَ مَا رَأَيْت". اهـ

وإلى نفس المعنى، وبنفس الألفاظ تقريبا، أشار صاحب "تحفة الأحوذي"، رحمه الله، بقوله:

"وَقَدْ جَاءَ عَنْ عُثْمَانَ أَنَّهُ إِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ اِسْتَشَارَ الصَّحَابَةَ، فَأَخْرَجَ اِبْنُ أَبِي دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ مِنْ طَرِيقِ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ. قَالَ عَلِيٌّ: لَا تَقُولُوا فِي عُثْمَانَ إِلَّا خَيْرًا، فَوَاَللَّهِ مَا فَعَلَ الَّذِي فَعَلَ فِي الْمَصَاحِفِ إِلَّا عَنْ مَلَأٍ مِنَّا، قَالَ مَا تَقُولُونَ فِي هَذِهِ الْقِرَاءَةِ، فَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ بَعْضَهُمْ يَقُولُ إِنَّ قِرَاءَتِي خَيْرٌ مِنْ قِرَاءَتِك، وَهَذَا يَكَادُ أَنْ يَكُونَ كُفْرًا. قُلْنَا: فَمَا تَرَى؟ قَالَ: نَرَى أَنْ نَجْمَعَ النَّاسَ عَلَى مُصْحَفٍ وَاحِدٍ، فَلَا تَكُونُ فُرْقَةٌ وَلَا اِخْتِلَافٌ. قُلْنَا: فَنِعْمَ مَا رَأَيْت". اهـ

فآلت المسألة إلى وقوع الإجماع من الصحابة، رضي الله عنهم، على جمع القرآن على حرف واحد استنادا إلى مصلحة عدم وقوع الفرقة بين المسلمين، فهو إجماع مستنده: المصلحة المرسلة الحادثة، وفي هذا رد على من طعن في جمع عثمان، رضي الله عنه، واتهمه بتحريق المصاحف.

وأجاب، الشيخ مناع، رحمه الله، عن الرأي القائل بأن المراد بها، سبعة أوجه من الأمر والنهي والحلال، … إلخ، بأن ظاهر الأحاديث يدل على أن المراد بالأحرف السبعة أن الكلمة تقرأ على وجهين أو ثلاثة إلى سبعة توسعة على الأمة، والشيء الواحد لا يكون حلالا وحراما في آية واحدة، والتوسعة لم تقع في تحريم حلال، ولا تحليل حرام، وقد أشار الطبري رحمه الله، إلى هذا المعنى في مقدمة تفسيره.

وأجاب عن الرأي الذي يرى أن المراد بالأحرف السبعة وجوه التغاير التي يقع فيها الاختلاف (كالتصريف والتقديم والتأخير والإبدال)، بأن هذا وإن كان شائعا مقبولا لكنه لا ينهض أمام أدلة الرأي الأول، الذي جاء التصريح فيها باختلاف الألفاظ مع اتفاق المعنى، وبعض وجوه التغاير والاختلاف التي يذكرونها ورد بقراءات الآحاد، ولا خلاف في أن كل ما هو قرآن يجب أن يكون متواترا، وأكثرها يرجع إلى شكل الكلمة أو كيفية الأداء، (كالتفخيم والترقيق، والإمالة)، مما لا يقع به التغاير في اللفظ، فإمالة لفظ (موسى)، في قوله تعالى: (وهل أتاك حديث موسى)، على سبيل المثال، لم يؤد إلى تغيير اللفظ، وإن أدى إلى اختلاف طريقة النطق به، والله أعلم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير