تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وأجاب عن الرأي القائل بأن العدد سبعة، لا مفهوم له، بأن الأحاديث تدل بنصها على حقيقة العدد وانحصاره، كما تقدم، والأكثرون على أنه محصور في سبعة، كما أشار إلى ذلك الزركشي رحمه الله في "البرهان"، وقد يشكل على هذا ما رواه الحاكم رحمه الله في مستدركه من حديث سمرة رضي الله عنه مرفوعا: أنزل القرآن على ثلاثة أحرف، والجواب على هذا، بأن هذا الحديث لا يقوى على معارضة، الأحاديث التي ورد فيها التصريح بالسبعة، وهي في الصحيحين، والحديث عند الحاكم، رحمه الله، في "مستدركه"، والطبراني، رحمه الله، في "المعجم الكبير" من طريق: حَمَّادُ بن سَلَمَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ.، قال الحاكم رحمه الله عقب إخراجه: «قد احتج البخاري برواية الحسن، عن سمرة، واحتج مسلم بأحاديث حماد بن سلمة، وهذا الحديث صحيح وليس له علة». اهـ، ولا يلزم الشيخين، رحمهما الله، إخراج هذا الحديث كما استدرك الحاكم، رحمه الله، عليهما، لأنهما لم يشترطا استيعاب الصحيح، ولأن مسلما لم يحتج بحديث حماد بن سلمة، رحمه الله، مطلقا، وإنما احتج به في ثابت البناني، رحمه الله، فقط، وحماد هنا يروي عن قتادة، رحمه الله، فليس الحديث على شرط مسلم.

قال أبو عبيد رحمه الله: تواترت الأخبار بالسبعة إلا هذا الحديث، يعني: فليقدم المتواتر، وليؤخر ما دونه وهو هذا الحديث، وأما أبو شامة رحمه الله، فقد مال إلى الجمع بين أحاديث الباب، فقال: يحتمل أن يكون معناه: أن بعضه أنزل على ثلاثة أحرف، أو أراد: أنزل ابتداء على ثلاثة، ثم زيد إلى سبعة.

وأجاب عن الرأي القائل، بأن المراد هو القراءات السبع، بأن القرآن: هو الوحي المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم للبيان والإعجاز، والقراءات: هي اختلاف في كيفية النطق بألفاظ الوحي، من تخفيف أو تثقيل أو مد أو نحو ذلك، بمعنى أن تعدد القراءات، لا يلزم معه تعدد الألفاظ، خلاف تعدد الأحرف، فيلزم معه تعدد الألفاظ، وإنما القراءات، تكون في حرف واحد (أي لفظ واحد)، كما هو مشاهد، حيث أن القراءات السبع، كلها في الحرف الذي جمع عثمان رضي الله عنه الأمة عليه.

ولعل هذا الخطأ وقع نتيجة الاتفاق في العدد سبعة، بين الأحرف والقراءات، كما أشار إلى ذلك ابن عمار، رحمه الله، بقوله: "لقد فعل مسبع هذه السبعة ما لا ينبغي له، وأشكل الأمر على العامة بإيهامه كل من قل نظره أن هذه القراءات هي المذكورة في الخبر، وليته إذ اقتصر نقص على السبعة أو زاد ليزيل الشبهة".

ثم رجح الشيخ مناع، الرأي الأول، كما سبق، وقال بأنه هو الذي يتفق مع ظاهر النصوص، وتسانده الأدلة الصحيحة، وقد كانت القراءة بها ضرورة، في أول الأمر، حتى تمكن الناس من الاقتصار على الطريقة الواحدة، كما أيد ذلك، الطحاوي رحمه الله، كما سبق، وأبو بكر بن الطيب، وابن عبد البر، وابن العربي وغيرهم، كما ذكر ذلك الزركشي رحمه الله في "البرهان".

وعلى الجانب الآخر، مال الشيخ الدكتور عبد البديع أبو هاشم، حفظه الله، في "إمتاع الجنان" إلى التوقف في الترجيح بين هذه الأقوال، فقال: والأولى عدم المجازفة على الرجم بالغيب بالأحرف السبعة، لأن هذا هو شأن الصحب الكرام، رضي الله عنهم، حيث لم يسألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن عين الأحرف السبعة، وبالتالي لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر عينها، غير أنه أخبر عن ثبوتها، وليس هذا غريبا و لا بدعا من القول، حيث سبق إليه الإمام ابن حبان، رحمه الله، بقوله: وهي أقاويل يشبه بعضها بعضا، وكلها محتملة وتحتمل غيرها. اهـ.

ويرد على الذهن سؤال مهم، وهو: هل الأحرف السبعة باقية في المصحف أو لا؟

والجواب أن العلماء أجابوا على هذا السؤال بـ: ثلاث إجابات، نقلها الدكتور عبد البديع أبو هاشم، وهي:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير