والجمهور على جواز القراءة بالمتواتر في الصلاة، وعدم جواز القراءة بغيره فيها.
يقول الإمام النووي، رحمه الله، في "شرح المهذب":
"قال أصحابنا وغيرهم تجوز القراءة في الصلاة وغيرها بكل واحدة من القراءات السبع ولا تجوز القراءة في الصلاة ولا غيرها بالقراءة الشاذة لأنها ليست قرآنا فإن القرآن لا يثبت إلا بالتواتر وكل واحدة من السبع متواترة هذا هو الصواب الذى لا يعدل عنه ومن قال غيره فغالط أو جاهل وأما الشاذة فليست متواترة فلو خالف وقرأ بالشاذة أنكر عليه قراءتها في الصلاة أو غيرها وقد اتفق فقهاء بغداد على استتابة من قرأ بالشواذ وقد ذكرت قصة في التبيان في آداب حملة القرآن ونقل الإمام الحافظ أبو عمر بن عبد البر إجماع المسلمين على أنه لا تجوز القراءة بالشاذ وأنه لا يصلي خلف من يقرأ بها قال العلماء: فمن قرأ بالشاذ إن كان جاهلا به أو بتحريمه عرف ذلك فإن عاد إليه بعد ذلك أو كان عالما به عزر تعزيرا بليغا إلى أن ينتهي عن ذلك ويجب علي كل مكلف قادر على الإنكار أن ينكر عليه فإن قرأ الفاتحة في الصلاة بالشاذة فإن لم يكن فيها تغير معنى ولا زيادة حرف ولا نقصه صحت صلاته وإلا فلا وإذا قرأ بقراءة من السبع استحب أن يتم القراءة بها فلو قرأ بعض الآيات بها وبعضها بغيرها من السبع جاز بشرط أن يكون ما قرأه بالثانية مرتبطا بالأولى". اهـ
وقصر بعض أهل العلم الجواز في جمع القراءات المختلفة في تلاوة واحدة على مقام التعلم.
والقراءات السبعة ليست هي الأحرف السبعة، كما ذهب إلى ذلك بعض أهل العلم، فإن القراءات كلها في حرف واحد من الأحرف السبعة: الحرف الذي جمع عثمان، رضي الله عنه، الأمة عليه.
وأما ضوابط القراءة الصحيحة، فقد جمعها ابن الجزري، رحمه الله، في قوله:
وكل ما وافق وجه نحوي ******* وكان للرسم احتمالا يحوي
وصح إسنادا هو القرآن ******* فتلك الثلاثة الأركان
فضوابطها ثلاثة:
أولا: موافقة القراءة للعربية بوجه من الأوجه سواء أكان أفصح أم فصيحا، لأن القراءة سنة متبعة، فمناط الأمر فيها: النقل لا الرأي.
والقرآن أصل علم النحو، فكيف يحكم بالفرع على الأصل؟!!، وهذا رد مجمل على كل طاعن في القرآن من جهة الصناعة النحوية، كما زعم بعض الأعاجم عندنا في مصر من سفهاء النصارى!!.
يقول الحافظ السيوطي، رحمه الله، في "الإتقان":
"قال ابن الجزري: فقولنا في الضابط: "ولو بوجه" نريد به وجهاً من وجوه النحو وسواء كان أفصح أم فصيحاً مجمعاً عليه أم مختلفاً فيه اختلافاً لا يضر مثله إذا كانت القراءة مما شاع وذاع وتلقاه الأئمة بالإسناد الصحيح، إذ هو الأصل الأعظم والركن الأقوم، وكم من قراءة أنكرها بعض أهل النحو أو كثير منهم ولم يعتبر إنكارهم كإسكان "بارئكم" و "يأمركم"، وخفض "والأرحام"، (بالعطف على الضمير المجرور في "به" وهو الوجه المرجوح في لغة العرب، وإن كان صحيحا، فإن العطف على الضمير المجرور دون إعادة الجار وجه مرجوح في لغة العرب ولم يسلم ابن القيم، رحمه الله، في "زاد المعاد" بذلك على تفصيل ليس هذا موضعه)، ونصب: "ليجزي قوماً"، والفصل بين المضافين في: "قتل أولادهم شركائهم" وغير ذلك. قال الداني: وأئمة القراء: لا تعمل في شيء من حروف القرآن على الإفشاء في اللغة، والأقيس في العربية بل على الأثبت في الأثر والأصح في النقل، وإذا ثبتت الرواية لم يردها قياس عربية ولا فشو لغة، لأن القراءة سنة متبعة يلزم قبولها والمصير إليها.
قلت، (أي: الحافظ السيوطي رحمه الله): أخرج سعيد بن منصور في سننه عن زيد بن ثابت قال: القراءة سنة متبعة. قال البيهقي: أراد أن اتباع من قبلنا في الحروف سنة متبعة لا يجوز مخالفة المصحف الذي هو إمام، ولا مخالفة القراءات التي هي مشهورة وإن كان غير ذلك سائغاً في اللغة أو أظهر منها". اهـ بتصرف
ثانيا: أن توافق القراءة أحد المصاحف العثمانية ولو احتمالا:
¥