تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

يقول القرطبي رحمه الله: "وقال الزجاج: ها هنا قراءتان:"رُبيون" بضم الراء و: "ربيون" بكسر الراء، أما الرُبيون (بالضم): الجماعات الكثيرة.

ويقال: عشرة آلاف.

قلت: وقد روي عن ابن عباس: "رَبيون" بفتح الراء منسوب إلى الرب.

قال الخليل: الربي الواحد من العباد الذين صبروا مع الأنبياء.

وهم الربانيون نسبوا إلى التأله والعبادة ومعرفة الربوبية لله تعالى".

"الجامع لأحكام القرآن"، (4/ 203).

ويقول أبو السعود رحمه الله:

"والرِّبِّيُّ منسوبٌ إلى الرب كالرَّباني وكسرُ الراء من تغييرات النّسْبِ وقرىء بضمها وبفتحها أيضاً على الأصل وقيل: هو منسوبٌ إلى الرَّبة وهي الجماعة". اهـ

فأشار إلى أن تحريك الراء: ضما وكسرا وفتحا، قد يكون من باب تباين المبنى دون المعنى فهي في كلها تدل على النسبة إلى الرب عز وجل.

ومنه أيضا: قوله تعالى: (فإذا عزمت فتوكل على الله)

يقول القرطبي رحمه الله:

"وقرأ جعفر الصادق وجابر بن زيد: "فإذا عزمت" بضم التاء.

نسب العزم إلى نفسه سبحانه إذ هو بهدايته وتوفيقه، كما قال: "وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى" [الأنفال: 17] ". اهـ

"الجامع لأحكام القرآن"، (4/ 222).

فيكون في هذه القراءة: إثبات صفة العزم لله، عز وجل، على الوجه اللائق بجلاله، بخلاف قراءة الفتح، ففيها إثبات الفعل للعبد، ولا إشكال في الجمع بين القراءتين، فإن نسبة العزم إلى الرب جل وعلا: نسبة فعل على قراءة الضم ونسبة خلق على قراءة الفتح فهو خالق العبد وخالق أفعاله وعزمه من أفعاله، ونسبة العزم إلى العبد: نسبة فعل، فالجهة منفكة، وفعل الرب غير فعل العبد، وإن اشتركا في المعنى الكلي الجامع، لاختلاف الذوات التي قام بها، فبين فعليهما من الاختلاف ما بين الذاتين، إذ الصفات فرع على الذوات، فالقول في الصفات كالقول في الذوات، والله، عز وجل، ليس كمثله شيء في ذاته، فهذه مقدمة، وليس كمثله شيء في أسمائه وصفاته وأفعاله، فهذه نتيجة، وهذا أصل مطرد في باب الأسماء والصفات.

ومثله قوله تعالى: (بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ)، ففيها قراءتان:

الأولى: بالفتح وهي المشهورة فيكون المتعجب هو النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فيكون الله، عز وجل، خالقا، ويكون عليه الصلاة والسلام: فاعلا.

والثانية: بالضم، فتكون الذات القدسية هي التي قام بها فعل التعجب على الوجه اللائق بجلاله تبارك وتعالى.

وأما قوله تعالى: (وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى)، ففيه:

رمي يوافق الأمر الشرعي بجهاد الكفار في قوله تعالى: (إذ رميت).

ورمي يوافق الأمر الكوني في قوله تعالى: (ولكن الله رمى).

فأثبت راميين، فلا اشتباه في اللفظ ليقال بأنه قد يشهد لمذهب أهل الحلول أو الاتحاد، فالله، عز وجل، قد خلق الرامي، وأمره شرعا بجهاد الكفار ورميهم، ثم خلق فيه طاقة فعل الرمي وذات الفعل وسدده وكل ذلك بأمره الكوني النافذ.

ومن القراءات ما تدل على معان باطلة يكفي في إدراكها الحكم على القراءة بالبطلان، فمن ذلك قراءة عمرو بن فائد: "إياك" بتخفيف الياء، فإن "الإياك" هو: ضوء الشمس، فتخفيف الياء يقلب المعنى من التوحيد إلى الشرك.

يقول القرطبي رحمه الله:

"الجمهور من القراء والعلماء على شد الياء من "إياك" في الموضعين.

وقرأ عمرو بن فائد: "إياك" بكسر الهمزة وتخفيف الياء، وذلك أنه كره تضعيف الياء لثقلها وكون الكسرة قبلها.

وهذه قراءة مرغوب عنها، فإن المعنى يصير: شمسك نعبد أو ضوءك". اهـ

"الجامع لأحكام القرآن"، (1/ 154).

والله أعلى وأعلم.

يتبع إن شاء الله.

ـ[مهاجر]ــــــــ[29 - 10 - 2008, 07:58 ص]ـ

ومع: مسألة قراءة الآحاد:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير