تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

والخلاف في هذه المسألة مبسوط في كتب الفقه، حيث رجح الأحناف، رحمهم الله، معنى الحيض، ورجح الجمهور معنى الطهر.

وقيل المحكم: ما استقل بنفسه ولم يحتج إلى بيان، والمتشابه: ما لا يستقل بنفسه واحتاج إلى بيان برده إلى غيره. اهـ، وعليه تكون آيات صفات الله عز وجل: "محكمة المعنى"، وإن كانت كيفيتها، من المتشابه الذي لا يعلمه إلا الله، كما أشار إلى ذلك الشيخ الشنقيطي، رحمه الله، في معرض مناقشته لقول ابن قدامة، رحمه الله، بأن آيات الصفات متشابهة، فإطلاق الاشتباه عليها: إطلاق مجمل يحتاج إلى بيان، وبيانه: أنها محكمة المعنى متشابهة الكيفية، وعلى هذا القول، يكون قوله تعالى: (إن الشرك لظلم عظيم)، من المتشابه، لأنه يحتمل الظلم بمعناه العام، ويحتمل الشرك خاصة، فاحتاج هذا اللفظ إلى غيره (وهو تفسير الرسول صلى الله عليه وسلم، للظلم في هذه الآية بأنه: الشرك، كما في حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه)، ليظهر معناه المراد.

وقيل المحكم: هو آيات الأحكام، والمتشابه هو: القصص والأمثال.

وقيل المحكم: هو الناسخ، والمتشابه: هو المنسوخ.

وقيل المحكم: هو ما اتصلت حروفه، والمتشابه: ما تقطعت حروفه، كالحروف المقطعة في أوائل السور، ويصف بعض أهل العلم، هذا القول، بأنه رأي ضعيف، فكم من الكلمات التي اتصلت حروفها، ولا معنى لها، فقد يجمع الإنسان حروفا متعددة في لفظ واحد، كـ: "ديز" مقلوب زيد، ولا يظهر من هذا اللفظ معنى مفيد، والله أعلم.

وأما تعريف المحكم عند الأصوليين، فهو: اللفظ الذي ظهرت دلالته بنفسه على معناه ظهورا قويا على نحو أكثر مما عليه "المفسر"، ولا يقبل التأويل ولا النسخ. فهو، كما يقول صاحب "الوجيز" لا يحتمل التأويل، لأن وضوح دلالته بلغ حدا ينتفي معه أي احتمال للتأويل. وهو لا يقبل النسخ، لأنه:

إما أن يدل على حكم أصلي لا يقبل بطبيعته التبديل والتغيير، كالنصوص الواردة في الإيمان بالله واليوم الآخر والرسل، وتحريم الظلم، ووجوب العدل ونحو ذلك، فيكون من المحكم لذاته.

وإما أن يقبله بطبيعته، ولكن اقترن به ما ينفي احتمال نسخه، كحديث عروة البارقي، رضي الله عنه، مرفوعا: (الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ الْأَجْرُ وَالْمَغْنَمُ)، فهو نص مؤبد لا يقبل النسخ أو التغيير. فالجهاد ماض إلى يوم القيامة وإن خذل المخذلون وأرجف المرجفون، ولكن له، كبقية أحكام الشرع، ضوابط محكمة لا تخضع لعاطفة متقلبة أو هوى جامح.

ثم ذكر صاحب "الوجيز"، تقسيما آخر، للمحكم، فهو إما أن يكون:

محكما لعينه: وهو يشمل النوع السابق (أي الذي اقترن بما يدل على نسخه).

وإما أن يكون محكما لغيره: وهو المحكم لانقطاع الوحي بموته عليه الصلاة والسلام، وهو يعم جميع الأحكام الشرعية لأنه لا نسخ بعد وفاة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

والمحكم يأتي في المرتبة الأولى من مراتب واضح الدلالة، ويليه المفسر، ثم النص، ثم الظاهر.

وجدير بالذكر أن الزركشي رحمه الله، قد ذكر الخلاف في هذه المسألة على 13 قولا.

*****

ومع مسألة: الإحكام والتشابه العام:وقد فصل الحسين بن محمد النيسابوري، رحمه الله، القول في هذه المسألة كما حكاه عنه الزركشي فقال:

أولا: وصف الله عز وجل آيات القرآن كلها بأنها محكمة، في مواضع منها قوله تعالى: (كتاب أحكمت آياته). اهـ، أي أتقنت، فيكون معنى الإحكام العام في هذه الآية، الإتقان، الذي يشمل كل آيات القرآن.

ثانيا: وصف الله عز وجل آيات القرآن كلها بأنها متشابهة، في مواضع منها قوله تعالى: (كتابا متشابها). اهـ، أي أنه متشابه في المثلية والإتقان، وهذا هو معنى التشابه العام، فآيات القرآن كلها متشابهة من حيث الإتقان.

ثالثا: أن منه محكما ومنه متشابها، لقوله تعالى: (منه آيات محكمات هن أم الكتاب). اهـ، وعليه وقع الخلاف في تعريف المحكم والمتشابه اصطلاحا.

*****

ومع مسألة: القول في تفسير قوله تعالى: (وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم)، وهل الواو في قوله تعالى: (والراسخون في العلم)، عاطفة، أم استئنافية؟

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير