تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ونوع يرجع إلى جملة الكلام المركب، وذكروا لذلك ثلاثة أضرب:ضرب ينشأ عن اختصار الكلام.

وضرب ينشأ عن بسط الكلام.

وضرب ينشأ بسبب نظم الكلام.

ثانيا: متشابه من جهة المعنى: وهو الذي أصابه الغموض بسبب المعنى نفسه، وقد ذكر الراغب الأصفهاني، رحمه الله، في "مفرداته" أن منه أوصاف الله تعالى وأوصاف القيامة، وينبغي أن يقيد الأمر في مسألة أوصاف الله، عز وجل، بأنها متشابهة الكيفية، لا المعنى، كما سبقت الإشارة إلى ذلك، فمعناها اللغوي واضح لا إشكال فيه، وممن نبه على ذلك شيخ الإسلام رحمه الله، حيث ذهب إلى أن اعتبار آيات الصفات من المتشابه غلط، وإن كان قد قرر أن حقيقة ما تدل عليه الآيات من حقائق الأسماء والصفات من المتشابه الذي لا يعلمه إلا الله، فقال: "وأما حقيقة ما دل عليه ذلك من حقائق الأسماء والصفات فهذا من تأويل المتشابه الذي لا يعلمه إلا الله". فقيد التشابه بالحقائق لا المعاني الكلية المطلقة التي تدركها العقول بلا إشكال.

التقسيم الثاني:

وذكروا للمتشابه تقسيما آخر من حيث إمكانية معرفته، فقالوا: إنه ينقسم إلى ثلاثة أقسام:

أولا: قسم لا سبيل إلى الوقوف عليه كوقت الساعة وخروج الدابة.

ثانيا: قسم للإنسان سبيل إلى معرفته، كالألفاظ الغريبة.

ثالثا: وقسم متردد بين الأمرين، يختص بمعرفته بعض الراسخين في العلم ويخفى على من دونهم.

وهذا التقسيم مستفاد من كلام الشيخ الدكتور: محمد لطفي الصباغ في: "لمحات في علوم القرآن واتجاهات التفسير".

*****

ومع مسألة: المنحرفين والمتشابه:

وهي تتضح بذكر أمثلة من سلوك المنحرفين في تناول المتشابهات:

أولا: منهج مؤولة الصفات، وجلهم من المتأخرين، الذين اعتمدوا تعريف التأويل على أنه: صرف اللفظ عن الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح لدليل يقترن به، وعليه صرفوا ألفاظ آيات الصفات عن معانيها الظاهرة المتبادرة إلى الذهن، إلى معان أخرى مرجوحة لأمور ظنوها قرائن تصلح في هذا المقام، مبناها تنزيه الخالق عز وجل عن مشابهة خلقه، فقالوا: (استوى) بمعنى: (استولى) وأولوا صفة الوجه على أنها الذات، وصفة اليد على أنها القدرة والقوة والنعمة، وهكذا، ولو التفتوا إلى حقيقة، أن الاشتراك في التسمية لا يلزم منه الاشتراك في المسمى، فليس معنى أن لله عز وجل يد، وللإنسان يد، أنهما متماثلتان، لمجرد إطلاق لفظ "اليد" على كليهما، وحقيقة: أن الكلام في الصفات، فرع على الكلام في الذات، فكما أن ذات الخالق عز وجل لا تشابه ذوات مخلوقاته، فكذا صفاته، لا تشابه صفات مخلوقاته، لو التفتوا إلى هاتين الحقيقتين، لما وقعوا فيما وقعوا فيه من التأويل بداعي التنزيه.

ثانيا: منهج الباطنية: وهؤلاء اعتمدوا على تأويلات باطلة، لا تمت للنصوص الشرعية بصلة، منها:

ما ذكره ابن الجوزي، رحمه الله، نقلا عن غلاة الشيعة الذين يعتقدون بعقيدة التناسخ الباطلة وينكرون القيامة، ونقل عنهم قولهم: "وأما النفوس المنكوسة المغموسة في عالم الطبيعة المعرضة عن طلب رشدها من الأئمة المعصومين فإنها أبدا في النار، على معنى أنها تتناسخ في الأبدان الجسمانية وكلما فارقت جسدا تلقاها آخر واستدلوا بقوله تعالى: (كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها) ".

ونقل عنهم أيضا أنهم يفسرون الصيام بالإمساك عن كشف السر، ويفسرون البعث يوم القيامة بالاهتداء إلى مذاهبهم.

ومما نقل عنهم، أنه يفسرون الجنابة، بأنها إفشاء السر، وليست الجنابة، بمعناها الشرعي، عند جماهير المسلمين، والله أعلم.

بل وذهب بعضهم إلى تفسير الحروف المقطعة على أنها رموز لكلمات يستدلون منها على أحقية علي، رضي الله عنه، بالخلافة، بل استدل بعضهم على أن عليا كان أحق بالرسالة من محمد صلى الله عليه وسلم، كما ذكر ذلك الشيخ محمد رشيد رضا رحمه الله.

وذهب فريق ثان إلى تفسير هذه الحروف بحساب الجمل واستنتجوا من ذلك وقت قيام الساعة ........ إلخ من الهذيان الباطل.

وأما انحراف الخوارج في اتباع المتشابه فعنه يقول الآجري رحمه الله:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير