تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

القرينة رجحت كفة المعنى المرجوح.

يقول القرطبي رحمه الله:

"وروى ابن المبارك عن عمران بن حصين أنه قال لرجل: إنك رجل أحمق، أتجد الظهر في كتاب الله أربعا لا يجهر فيها بالقراءة! ثم عدد عليه الصلاة الزكاة ونحو هذا، ثم قال: أتجد هذا في كتاب الله مفسرا! إن كتاب الله تعالى أبهم هذا، وإن السنة تفسر هذا.

وروى الأوزاعي عن حسان بن عطية قال: كان الوحي ينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحضره جبريل بالسنة التي تفسر ذلك.

وروى سعيد بن منصور: حدثنا عيسى ابن يونس عن الأوزاعي عن مكحول قال: القران أحوج إلى السنة من السنة إلى القران.

وبه عن الأوزاعي قال: قال يحيى بن أبي كثير: السنة قاضية على الكتاب، وليس الكتاب بقاض على السنة.

قال الفضل بن زياد: سمعت أبا عبد الله - يعني أحمد بن حنبل - وسئل عن هذا الحديث الذي روي أن السنة قاضية على الكتاب فقال: ما أجسر على هذا أن أقوله، ولكني أقول: إن السنة تفسر الكتاب وتبينه". اهـ

"الجامع لأحكام القرآن"، (1/ 55، 56)، وقد رواه ابن عبد البر، رحمه الله، في "جامع بيان العلم وفضله".

ويقول الآجري، رحمه الله، في معرض بيان منزلة السنة من القرآن:

"ينبغي لأهل العلم والعقل إذا سمعوا قائلا يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيء قد ثبت عند العلماء، فعارض إنسان جاهل فقال: لا أقبل إلا ما كان في كتاب الله تعالى، قيل له: أنت رجل سوء، وأنت ممن حذرناك النبي صلى الله عليه وسلم، وحذر منك العلماء.

وقيل له: يا جاهل، إن الله أنزل فرائضه جملة، وأمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يبين للناس ما أنزل إليهم، قال الله عز وجل: (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون) فأقام الله تعالى نبيه عليه السلام مقام البيان عنه، وأمر الخلق بطاعته، ونهاهم عن معصيته، وأمرهم بالانتهاء عما نهاهم عنه، فقال تعالى: (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا)، ثم حذرهم أن يخالفوا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال تعالى: (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم) وقال عز وجل: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما) ثم فرض على الخلق طاعته صلى الله عليه وسلم في نيف وثلاثين موضعا من كتابه تعالى وقيل لهذا المعارض لسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا جاهل قال الله تعالى: (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة) أين تجد في كتاب الله تعالى أن الفجر ركعتان، وأن الظهر أربع، والعصر أربع، والمغرب ثلاث، وأن العشاء الآخرة أربع؟ أين تجد أحكام الصلاة ومواقيتها، وما يصلحها وما يبطلها إلا من سنن النبي صلى الله عليه وسلم؟ ومثله الزكاة، أين تجد في كتاب الله تعالى من مائتي درهم خمسة دراهم، ومن عشرين دينارا نصف دينار، ومن أربعين شاة شاة، ومن خمس من الإبل شاة، ومن جميع أحكام الزكاة، أين تجد هذا في كتاب الله تعالى؟ وكذلك جميع فرائض الله، التي فرضها الله في كتابه، لا يعلم الحكم فيها إلا بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا قول علماء المسلمين، من قال غير هذا خرج عن ملة الإسلام، ودخل في ملة الملحدين، نعوذ بالله من الضلالة بعد الهدى وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن صحابته رضي الله عنهم مثل ما بينت لك فاعلم ذلك". اهـ

"الشريعة"، ص46، 47.

وحذر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من ذلك الصنف الجاهل المتعالم في نفس الوقت فليته أقر بجهله وكف عن الخلق أذاه، بل هو جاهل مركب يصر على إلزام غيره بجهله، حذر منه صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال في حديث المقدام بن معدي كرب رضي الله عنه، مرفوعا: "أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ أَلَا يُوشِكُ رَجُلٌ شَبْعَانُ عَلَى أَرِيكَتِهِ يَقُولُ عَلَيْكُمْ بِهَذَا الْقُرْآنِ فَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَلَالٍ فَأَحِلُّوهُ وَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَرَامٍ فَحَرِّمُوهُ أَلَا لَا يَحِلُّ لَكُمْ لَحْمُ الْحِمَارِ الْأَهْلِيِّ وَلَا كُلُّ ذِي نَابٍ مِنْ السَّبُعِ وَلَا لُقَطَةُ مُعَاهِدٍ إِلَّا أَنْ يَسْتَغْنِيَ عَنْهَا صَاحِبُهَا وَمَنْ نَزَلَ بِقَوْمٍ فَعَلَيْهِمْ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير