تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أَنْ يَقْرُوهُ فَإِنْ لَمْ يَقْرُوهُ فَلَهُ أَنْ يُعْقِبَهُمْ بِمِثْلِ قِرَاهُ".

والحديث عند أبي داود، رحمه الله، في سننه، في باب: "لزوم السنة والمراد بها: هدي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهدي خلفائه الراشدين المهديين في أمر المعتقد، ومع أن المصنف، رحمه الله، قد صنف السنن مرتبة على الأبواب الفقهية، إلا أنه ضمنها هذا الباب لخطورة أمره وعظم شأنه، وأي شأن أعظم من شأن المعتقد؟!!!

والثاني: زيادته على حكم الكتاب، فتستقل السنة بإنشاء الأحكام ابتداء، كتحريم نكاح المرأة على عمتها وخالتها، وتحريم كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطيور.

فالسنة أصل مستقل بالتشريع، فهي ثاني الأصلين: الكتاب والسنة.

وإنما اعترض أحمد على قضاء السنة على الكتاب لأنه مشعر بتقديمها عليه، والقرآن لا يتقدم عليه غيره فهو أول الأصول، وإليه ترجع بقيتها، فهو الذي دل على صحة السنة، ثم دل كلاهما على صحة الإجماع، كما ذكر ذلك القفال الشافعي رحمه الله.

بل القياس وهو الأصل الرابع، إنما عرفت حجيته من نصوص الكتاب التي وردت فيها أقيسة: الأولى من قبيل قوله تعالى: (وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى) وقوله تعالى: (فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (39) أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى) فمن قدر على الإيجاد من عدم أولا فهو قادر على الإعادة ثانيا من باب أولى إذ الإعادة أهون من الإنشاء، وكلاهما هين على الباري عز وجل وإنما يقال ذلك تنزلا مع الخصم، والطرد، والعكس في نحو قوله تعالى: (كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ)، فكان ما كان من هلاكهم فمن وافقهم طردا فله الهلاك، ومن خالفهم عكسا فله النجاة ............. إلخ، والسنة التي ورد فيها قياس الأولى في نحو قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (فَدَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى)، وقياس التمثيل في نحو قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (فَلَعَلَّ ابْنَكَ هَذَا نَزَعَهُ عِرْقٌ)، فقاس عليه الصلاة والسلام تغير لون ابنه على تغير لون البعير لعامل وراثي متنحٍ، ظهر في هذا الجيل، كما أثبت علم الوراثة بعد ذلك، فهذا الحديث من الإعجاز العلمي في السنة المطهرة، وقياس العكس في نحو حديث أبي ذر رضي الله عنه: (أَيَأتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ قَالَ أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلَالِ كَانَ لَهُ أَجْرًا)، فأثبت عكس الحكم لعكس الفعل فمن وضعها في حرام أثم ومن وضعها في حلال فله عكس الإثم وهو الأجر.

يقول ابن تيمية، رحمه الله، في "مجموع الفتاوى": "وَالْأَدِلَّةُ الشَّرْعِيَّةُ مَرْجِعُهَا كُلُّهَا إلَيْهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ. فَالْقُرْآنُ هُوَ الَّذِي بَلَّغَهُ. وَالسُّنَّةُ هُوَ الَّذِي عَلَّمَهَا. وَالْإِجْمَاعُ بِقَوْلِهِ عُرِفَ أَنَّهُ مَعْصُومٌ. وَالْقِيَاسُ إنَّمَا يَكُونُ حُجَّةً إذَا عَلِمْنَا أَنَّ الْفَرْعَ مِثْلَ الْأَصْلِ وَأَنَّ عِلَّةَ الْأَصْلِ فِي الْفَرْعِ. وَقَدْ عَلَّمَنَا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَتَنَاقَضُ فَلَا يَحْكُمُ فِي الْمُتَمَاثِلَيْنِ بِحُكْمَيْنِ مُتَنَاقِضَيْنِ وَلَا يَحْكُمُ بِالْحُكْمِ لِعِلَّةِ تَارَةً وَيَمْنَعُهُ أُخْرَى مَعَ وُجُودِ الْعِلَّةِ إلَّا لِاخْتِصَاصِ إحْدَى الصُّورَتَيْنِ بِمَا يُوجِبُ التَّخْصِيصَ". اهـ

فتعظيم النبوة، وهو أصل مطرد في كل مسائل الدين، كلمة السر هنا أيضا، فمن استمسك بالنبوة نجا، ومن فرط فيها هلك.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير