تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

واتباع طريقة السلف: دليلا واستدلالا طوق نجاة لا يفرط فيه إلا مغرض أو جاهل، إذ هم، ومن سار على طريقتهم من العلماء الربانيين، أقدر الناس على تمييز صحيح كلام النبوة من ضعيفه، وهم أعلم الناس بمراد صاحب الشريعة صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فنية صادقة، وعلم عميق، ولسان فصيح، فكيف يتصور إجماعهم على ضلالة، أو صحة مقالة حدثت بعدهم كمقالات سائر الفرق التي لا يملك أصحابها سندا واحدا صحيحا يرفعها إلى زمن النبوة، بل التاريخ يشهد بحدوث مقالاتهم، والتاريخ حكم محايد، فإذا ما انتقلت إلى بقية الملل لم تجد سندا من نقل صحيح أو عقل صريح، بل وجدت قصصا دون بعد ارتفاع النبوة بمئات السنين فدخله من التبديل ما دخله سواء أكان الناقل صادقا ولكنه لطول العهد واختلاف اللسان لم يعرف مراد النبوة، أم كاذبا مفتريا، وهو الغالب على متأخريهم من الضلال الذين يتصرفون في كتبهم بالزيادة والنقصان إلى يوم الناس هذا، وفي ملل أخرى لا تجد نبوة أصلا!!!.

يقول الآجري، رحمه الله، في معرض بيان طريق أهل الحق: طريق السلف خير القرون:

"من علامة من أراد الله عز وجل به خيرا من المؤمنين وصحة إيمانهم: محبتهم لأبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم كذا قال النبي صلى الله عليه وسلم". اهـ

فأولئك الأئمة المرضيون والسادة المتبعون فمن سلك طريقهم نجا ومن حاد عنه هلك.

ويقول في كلمة أعم وأجمع:

"علامة من أراد الله به خيرا: سلوك هذا الطريق: كتاب الله، عز وجل، وسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسنن أصحابه رضي الله عنهم ومن تبعهم بإحسان، وما كان عليه أئمة المسلمين في كل بلد إلى آخر ما كان من العلماء مثل: الأوزاعي، وسفيان الثوري، ومالك بن أنس، والشافعي، وأحمد بن حنبل، والقاسم بن سلام، ومن كان على مثل طريقتهم، ومجانبة كل مذهب يذمه هؤلاء العلماء". اهـ

"الشريعة"، ص18.

فكأنه ذكر الأربعة، رضي الله عنهم، لا تخصيصا لعموم الاتباع وإنما تعريفا له بذكر بعض أفراده على سبيل البيان، وقد تقرر في الأصول أن ذكر بعض أفراد العام لا يخصصه، ثم عم بذكر أفراد الطريق مفصلة: الكتاب، السنة، هدي الصحب رضي الله عنهم، هدي من جاء بعدهم من علماء السلف.

وقال في موضع تال بعد إيراد أحاديث تعظم شأن السنة وتحث على التمسك بها:

"فيما ذكرت في هذا الجزء من التمسك بشريعة الحق، والاستقامة على ما ندب الله تعالى إليه أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وندبهم إليه الرسول صلى الله عليه وسلم: ما إذا تدبره العاقل علم أنه قد ألزمه التمسك بكتاب الله تعالى، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسنة الخلفاء الراشدين، وجميع الصحابة رضي الله عنهم، وجميع من تبعهم بإحسان، وأئمة المسلمين، وترك الجدال والمراء والخصومة في الدين، ولزم مجانبة أهل البدع، والاتباع، وترك الابتداع، وقد كفانا علم من مضى من أئمة المسلمين الذين لا يستوحش من ذكرهم، عن مذاهب أهل البدع والضلالات، والله الموفق لكل رشاد، والمعين عليه". اهـ

"الشريعة"، ص50.

ويقول في موضع رابع:

"من كان له علم وعقل، فميز جميع ما تقدم ذكري له من أول الكتاب إلى هذا الموضع علم أنه محتاج إلى العمل به، فإن أراد الله به خيرا لزم سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم ومن تبعهم بإحسان من أئمة المسلمين في كل عصر، وتعلم العلم لنفسه، لينتفي عنه الجهل، وكان مراده أن يتعلمه لله تعالى ولم يكن مراده، أن يتعلمه للمراء والجدال والخصومات، ولا للدنيا، ومن كان هذا مراده سلم إن شاء الله تعالى من الأهواء والبدع والضلالة، واتبع ما كان عليه من تقدم من أئمة المسلمين الذين لا يستوحش من ذكرهم، وسأل الله تعالى أن يوفقه لذلك". اهـ

"الشريعة"، ص55.

وما تجشمنا سفرا ولا فارقنا أهلا ولا ديارا، ولا بذلنا مالا، ولا أزهقنا أرواحا، وإنما وصلنا هذا الدين ونحن قعود في بيوتنا، فهلا عظمنا هذا الحق الذي بين أيدينا، وهلا عظمنا النبوة وصاحبها صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وحفظنا لأولئك السادة جميلهم وعرفنا لهم قدرهم، فإن لم نستطع فهلا أمسكنا ألسنتنا عن الخوض في أعراضهم، على طريقة:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير