تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فمن تأويل التحريف والإلحاد تأويل الجهمية قوله تعالى: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً} [النساء: 164] أي جرح قلبه بالحكم والمعارف تجريحا ومن تحريف اللفظ تحريف إعراب قوله: {وَكَلَّمَ اللَّهُ} في الرفع إلى النصب وقال: "وكلم اللهَ" أي موسى كلم الله ولم يكلمه الله وهذا من جنس تحريف اليهود بل أقبح منه واليهود في هذا الموضع أولى بالحق منهم ولما حرفها بعض الجهمية هذا التحريف قال له بعض أهل التوحيد: فكيف تصنع بقوله: {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ} [الأعراف: 43] فبهت المحرف". اهـ

ويقرر أربعة أمور تلزم الإجابة عنها قبل التسليم للمتأول بصحة تأويله هي:

"الأمر الأول: بيان احتمال اللفظ للمعنى الذي تأوله في ذلك التركيب الذي وقع فيه وإلا كان كاذبا على اللغة منشئا وضعا من عنده فإن اللفظ قد لا يحتمل ذلك المعنى لغة.

والثاني: أن يبين وجه تعيينه لهذا المعنى.

والثالث: إقامة الدليل الصارف للفظ عن حقيقته وظاهره فإن دليل المدعي للحقيقة والظاهر قائم فلا يجوز العدول عنه إلا بدليل صارف يكون أقوى منه، (فالمتأول: ناقل عن الأصل المستقر فيلزمه الدليل).

والرابع: الجواب عن المعارض فإن مدعي الحقيقة قد أقام الدليل العقلي والسمعي على إرادة الحقيقة". اهـ

بتصرف واسع من "الصواعق المرسلة".

فالحاصل أن التأويل بلا ضابط جناية، أي جناية، على نصوص الشريعة المطهرة.

ولم تكن تلك طريقة الصحابة، رضي الله عنهم، وهم أعلم الناس بنصوص الوحي: مبنى، فقد نزل بلغتهم، ومعنى، فقد نزل وهم شهود فأفادهم ذلك ما لم يفد من جاء بعدهم من عقل المعنى ومعرفة مراد الشارع عز وجل، وتلك ميزة لا مطمع لمن جاء بعدهم في إدراكها، وإن كان من أهل الدين والفضل والرسوخ في العلم، فكيف إذا كان لا يحسن حتى الوضوء كحال أغلب العلمانيين أدعياء العلم في العصر الحاضر.

وعن خطورة التأويل يقول ابن القيم رحمه الله:

"فَأَصْلُ خَرَابِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا إنَّمَا هُوَ مِنْ التَّأْوِيلِ الَّذِي لَمْ يُرِدْهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ بِكَلَامِهِ وَلَا دَلَّ عَلَيْهِ أَنَّهُ مُرَادُهُ، وَهَلْ اخْتَلَفَتْ الْأُمَمُ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ إلَّا بِالتَّأْوِيلِ؟ وَهَلْ وَقَعَتْ فِي الْأُمَّةِ فِتْنَةٌ كَبِيرَةٌ أَوْ صَغِيرَةٌ إلَّا بِالتَّأْوِيلِ؟ فَمِنْ بَابِهِ دَخَلَ إلَيْهَا، وَهَلْ أُرِيقَتْ دِمَاءُ الْمُسْلِمِينَ فِي الْفِتَنِ إلَّا بِالتَّأْوِيلِ؟. وَلَيْسَ هَذَا مُخْتَصًّا بِدِينِ الْإِسْلَامِ فَقَطْ، بَلْ سَائِرُ أَدْيَانِ الرُّسُلِ لَمْ تَزَلْ عَلَى الِاسْتِقَامَةِ وَالسَّدَادِ حَتَّى دَخَلَهَا التَّأْوِيلُ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا مِنْ الْفَسَادِ مَا لَا يَعْلَمُهُ إلَّا رَبُّ الْعِبَادِ". اهـ

وانظر إلى تأويلات النصارى للألفاظ المجملة في كتبهم وحملهم إياها على أفسد المعاني حتى سبوا الله، عز وجل، مسبة، من أشنع ما تتصوره العقول بحجة تعظيم المسيح عليه السلام!!!.

والله أعلى وأعلم.

ـ[ناجى أحمد اسكندر]ــــــــ[13 - 12 - 2008, 12:07 ص]ـ

جزيت خيراً أخى الحبيب.

ـ[مهاجر]ــــــــ[19 - 12 - 2008, 09:08 ص]ـ

وجزيت خيرا أيها الحبيب الكريم، وعذرا على التأخر في الرد، وقد بعثت لك من فترة رسالة على الخاص فيها تهنئة بمناسبة العودة إلى المنتدى بعد طول غياب، وفيها تنويه بشأن إحدى النقاشات التي دارت بينك وبين أحد الفضلاء من أعضاء المنتدى، أرجو أن تكون قد اطلعت عليها.

ومع مسألة: اختلاف المفسرين وأسبابه:

فقد أرجعه ابن تيمية، رحمه الله، في "مقدمة أصول التفسير" إلى سببين:

الأول: التعبير باسم يدل على معنى في المسمى غير المعنى الذي يدل عليه الاسم الآخر، فالمسمى واحد، والاسمان مختلفان، بمنزلة الأسماء المتكافئة، فإنها:

مترادفة: من جهة دلالتها على مسمى واحد.

متباينة: من جهة دلالتها على صفات مختلفة في المسمى الواحد.

كما قال أهل العلم في أسماء الله، عز وجل، فهي:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير