مترادفة: من جهة دلالتها على ذات الباري، عز وجل، ولذلك يجاب عن السؤال عن المسمى بـ: "من" بجواب واحد، وإن اختلف الاسم المسئول به، إذ الذات التي تدل عليها كل الأسماء واحدة، فيقال في جواب: من القدوس؟، من السلام؟، من المؤمن؟ ............. إلخ، يقال في جوابها جميعا: الله تبارك وتعالى.
ومتباينة: من جهة دلالتها على المعاني التي اشتقت منها، فهي أعلام وأوصاف في نفس الوقت، خلافا للمعتزلة الذين قصروها على العلمية وأنكروا ما تضمنته من صفات، فيقال في جواب: ما القدوس؟، هو: الذات الإلهية المتصفة بصفة القدسية، ويقال في جواب: ما السلام؟، هو: المتصف بالسلامة من كل عيب ............. إلخ، إذ "ما" يسأل بها عن الصفة، وفي التنزيل: (فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ)، فالمقصود صفة المرأة التي يستطيبها الناكح، بغض النظر عن عين المنكوحة.
يقول ابن تيمية، رحمه الله، في "مقدمة أصول التفسير":
"فإذا كان مقصود السائل تعيين المسمى عبرنا عنه بأي اسم كان إذا عرف مسمى هذا الاسم، وقد يكون الاسم علمًا وقد يكون صفة كمن يسأل عن قوله: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي} [طه: 124] ما ذكره؟ فيقال له: هو القرآن مثلا، أو هو ما أنزله من الكتب ........................ وإن كان مقصود السائل معرفة ما في الاسم من الصفة المختصة به، فلا بد من قدر زائد على تعيين المسمى، مثل أن يسأل عن القدوس السلام المؤمن، وقد علم أنه اللّه، لكن مراده ما معنى كونه قدوسًا سلامًا مؤمنًا ونحو ذلك". اهـ
ومن ذلك أيضا:
أسماء النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فهي من جهة دلالتها على ذاته الشريفة: مترادفة، ومن جهة دلالتها على صفاته: متباينة، فالذات التي يدل عليها اسم "أحمد" هي نفس الذات التي يدل عليها اسم "محمد"، وإن اختلف الوصفان اللذان يتضمنهما الاسمان.
فأسماء النبي صلى الله عليه وسلم، كما يقول ابن القيم _ رحمه الله _: نعوت، ليست أعلاما محضة لمجرد التعريف، بل أسماء مشتقة من صفات قائمة به توجب له المدح والكمال.
فهي تشبه أسماء الله، عز وجل، من جهة كونها: أعلاما دالة على أوصاف، وليست محض أعلام كبقية أسماء البشر، فقد يسمى أبخل الناس: كريما، فيكون المشتق في حقه بمنزلة الاسم الجامد، حجر أو شجر أو .......... إلخ، الذي يدل على المسمى دون اعتبار للوصف إذ لا دلالة له على وصف أصلا لكونه جامدا غير مشتق.
يقول ابن القيم رحمه الله، في "زاد المعاد" (1/ 30):
وأسماؤه صلى الله عليه وسلم نوعان:
أحدهما: خاص لا يشاركه فيه غيره من الرسل كـ: محمد وأحمد والعاقب والحاشر والمقفي ونبي الملحمة.
والثاني: ما يشاركه في معناه غيره من الرسل ولكن له منه كماله فهو مختص بكماله دون أصله كرسول الله ونبيه وعبده والشاهد والمبشر والنذير ونبي الرحمة ونبي التوبة.
والثاني (من أسباب الاختلاف): أن يكون التعريف بالمثال، فيضرب كل معرِف مثلا يبين المعرَف، من غير حاجة إلى حده: حدا جامعا مانعا، على طريقة المناطقة في صناعة الحدود، فلا يكون ذكر هذا المثل مخصصا لعموم المعرف إذ: "ذكر بعض أفراد العام لا يخصصه".
يقول ابن تيمية رحمه الله:
"مثال ذلك: ما نقل في قوله: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ} [فاطر: 32]
فمعلوم أن الظالم لنفسه يتناول المضيع للواجبات، والمنتهك للمحرمات، والمقتصد يتناول فاعل الواجبات وتارك المحرمات، والسابق يدخل فيه من سبق فتقرب بالحسنات مع الواجبات، فالمقتصدون هم أصحاب اليمين {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ} [الواقعة: 10، 11]، ثم إن كلاً منهم يذكر هذا في نوع من أنواع الطاعات، كقول القائل: السابق الذي يصلى في أول الوقت، والمقتصد الذي يصلي في أثنائه، والظالم لنفسه الذي يؤخر العصر إلى الاصفرار، ويقول الآخر: السابق والمقتصد والظالم قد ذكرهم في آخر سورة البقرة، فإنه ذكر المحسن بالصدقة، والظالم بأكل الربا، والعادل بالبيع. والناس في الأموال إما محسن، وإما
¥