تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وقد قال بعض أهل العلم بأن كل حديث في ذم الفرق في ثبوته نظر إلا أحاديث ذم الخوارج، ومع ذلك لم يرد فيها تسميتهم بـ: "الحرورية"، لأنها تسمية اصطلاحية حدثت بعد وقوع الفتنة، ولعل أبا أمامة، رضي الله عنهم، أراد بقوله: من اتصف بالخروج على جماعة المسلمين أيا كان اسمه، وإنما سمي الأولون بذلك لأنهم سكنوا "حروراء" لا لمعنى في ذات التسمية.

وقد تلخص من كلام القرطبي، رحمه الله، تسعة أقوال، وكلها من باب التمثيل، إذ النص على أحدها لا ينفي دخول بقيتها في عموم الموصول: "الذين"، فتكون من باب التفسير بالمثال.

ومنه قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآَيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ):

ففي تفسير "البطانة" أقوال منها: الكفار، واليهود منهم خاصة، وأهل الأهواء، والخوارج منهم خاصة، والنص على أحد هذه الأقوال لا ينفي دخول بقيتها في عموم النكرة: "بطانة" في سياق نفي الاتخاذ، فتكون، أيضا، من باب التمثيل لا الحد الجامع المانع.

ومنه أيضا: قوله تعالى: (إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ):

يقول القرطبي رحمه الله: "واللفظ عام في كل ما يحسن ويسوء. وما ذكره المفسرون من الخصب والجدب واجتماع المؤمنين ودخول الفرقة بينهم إلى غير ذلك من الأقوال أمثلة وليس باختلاف". اهـ

"الجامع لأحكام القرآن"، (4/ 160).

فهو اختلاف تنوع لا تضاد فصح نفي صفة الاختلاف عنه من جهة الاختلاف الذي تتضاد فيه الأقوال أو تتناقض.

وقوله تعالى: (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ):

يقول القرطبي رحمه الله:

"قال أنس ابن مالك ومكحول في تفسير: (سارعوا إلى مغفرة من ربكم): معناه: إلى تكبيرة الإحرام.

وقال علي بن أبي طالب: إلى أداء الفرائض.

عثمان بن عفان: إلى الإخلاص.

الكلبي: إلى التوبة من الربا.

وقيل: إلى الثبات في القتال.

وقيل غير هذا.

والآية عامة في الجميع". اهـ

"الجامع لأحكام القرآن"، (4/ 179).

فذكر أحد الأقوال لا يمنع دلالة اللفظ على غيره.

&&&&&

ويلتحق بذلك: أسباب النزول، فهي أفراد ورد عموم النص عليها، كورود نص الظهار على سبب: ظهار أوس بن الصامت، رضي الله عنه، من زوجه، فلا يقال بأن العام مقصور على هذا الفرد بعينه، إذ العبرة بـ: "عموم اللفظ لا بخصوص السبب"، كما قرر الأصوليون، وقصر العموم على فرد بعينه: تخصيص بلا مخصص يهدر عموم النص، والأصل في العمومات: الإعمال لا الإهمال.

فمن ذلك:

قوله تعالى: (يأيها الناس كلوا مما في الأرض حللا طيبا ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين):

يقول القرطبي رحمه الله: "قوله تعالى: "يأيها الناس" قيل: إنها نزلت في ثقيف وخزاعة وبني مدلج فيما حرموه على أنفسهم من الأنعام، واللفظ عام". اهـ

"الجامع لأحكام القرآن"، (2/ 184).

وفي قوله تعالى: (خطوات الشيطان)، يقول القرطبي رحمه الله:

"والمعنى على قراءة الجمهور: ولا تفقوا أثر الشيطان وعمله، وما لم يرد به الشرع فهو منسوب إلى الشيطان.

قال ابن عباس: "خطوات الشيطان" أعماله.

مجاهد: خطاياه.

السدي: طاعته.

أبو مجلز: هي النذور في المعاصي". اهـ

"الجامع لأحكام القرآن"، (2/ 185).

وكلها أفراد يجمعها عموم واحد.

وقوله تعالى: (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ):

يقول القرطبي رحمه الله:

"لما بين الله تعالى أن ما جرى يوم أحد كان امتحانا يميز المنافق من الصادق، بين أن من لم ينهزم فقتل له الكرامة والحياة عنده.

والآية في شهداء أحد. وقيل: نزلت في شهداء بئر معونة. وقيل: بل هي عامة في جميع الشهداء .......................

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير