تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وَتَرَكُمْ، وَقَتَلَ خِيَارَكُمْ فَأَعِينُونَا بِهَذَا الْمَالِ عَلَى حَرْبِهِ فَلَعَلّنَا نُدْرِكُ مِنْهُ ثَأْرَنَا بِمَنْ أَصَابَ مِنّا، فَفَعَلُوا.

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَفِيهِمْ كَمَا ذَكَرَ لِي بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَزَلَ اللّهُ تَعَالَى: {إِنّ الّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدّوا عَنْ سَبِيلِ اللّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمّ تَكُونُ - عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمّ يُغْلَبُونَ وَالّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنّمَ يُحْشَرُونَ} ". اهـ

"سيرة ابن هشام(3/ 14).

ومنه قوله تعالى: (أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ)

فقد نزلت هذه الآية في الأنصار وكان لهم طمع في إسلام حلفائهم من اليهود. فلا يقال بأن سبب النزول مخصص لعموم معنى الآية، إذ العموم المعنوي يشمل كل من حرص وطمع في هداية ضال معاند، وفي التنزيل: "وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآَمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ والناس في هذا المقام ثلاثة أقسام:

الضال الذي يسأل مسترشدا فإن لصاحب الحق أن يطمع فيه أيما طمع.

والضال الذي يعتقد صحة ما هو عليه فهو يتعصب له لأنه يعتقده حقا لا لمجرد العناد، فهذا، أيضا، ممن يطمع فيه، وإن كان الجهد المبذول معه أكبر، مع وجوب تصدي أهل العلم الراسخين له، فلن يقتنع بأي قول يلقى له.

والمعاند الذي يعرف الحق ويعدل عنه ففيه فهو يهودي المسلك، فتعمه هذه الآية بمعناها، وإن نزل مبناها في غيره. وهذا ممن يناظر لتقام عليه الحجة ويبين للناس بطلان مقالته فلا يغتر بها أحد، فتكون مناظرته من باب دفع الصائل.

وعنهم يقول القرطبي رحمه الله: "إن العالم بالحق المعاند فيه بعيد من الرشد، لأنه علم الوعد والوعيد ولم ينهه ذلك عن عناده". اهـ بتصرف.

ويقول رحمه الله: "قوله تعالى: "أفتطمعون أن يؤمنوا لكم" هذا استفهام فيه معنى الإنكار، كأنه أيأسهم من إيمان هذه الفرقة من اليهود، أي إن كفروا فلهم سابقة في ذلك، والخطاب لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. وذلك أن الأنصار كان لهم حرص على إسلام اليهود للحلف والجوار الذي كان بينهم. وقيل: الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة، عن ابن عباس". اهـ

"الجامع لأحكام القرآن(6/ 3، 4).

والأصل في خطابات الشارع، عز وجل، العموم، فضلا عن كون الخطاب واردا بصيغة الجمع: الواو في "أفتطمعون"، والأصل فيه حقيقة الجمع إلا أن يقال بأن الخطاب خاص به صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقد ورد بصيغة الجمع تعظيما له، وفي ذلك عدول عن الأصل من جهتين:

من جهة عموم الخطاب.

ومن جهة العدول عن معنى الجمع الحقيقي إلى معناه الكنائي.

والأمثلة في ذلك كثيرة، وهي تصلح مادة بحث، بتتبع أمثلة الاختلاف في أحد التفاسير المطولة كتفسير الطبري أو القرطبي أو ابن كثير رحمه الله الجميع.

والله أعلى وأعلم.

يتبع إن شاء الله.

ـ[مهاجر]ــــــــ[31 - 01 - 2009, 08:10 ص]ـ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

عذرا على هذا الانقطاع الطويل.

ومع بقية أسباب الاختلاف بين المفسرين:

فمن صور الاختلاف التي ذكرها أهل العلم:

الاختلاف الناشئ من الاشتراك اللفظي، فإن المشترك اللفظي يدل على كل معانيه على سبيل البدل لا الشمول، إذ عمومه: بدلي لا شمولي، فلا يدل على كل معانيه في سياق واحد، إذ لا رابط، ولو من جهة المعنى الكلي المطلق، بين أفراد المشترك اللفظي، فأفراده متباينة الحقائق لا يجمعها أصل كلي.

فـ: "العين" إذا أطلقت على الباصرة وعلى الذهب وعلى عين الماء، فلا تصح إرادة تلك الحقائق في نفس الوقت لتمام التباين بينها، فلا جامع بينها إلا المادة اللفظية، والاشتراك في المبنى لا يلزم منه الاشتراك في المعنى.

يقول ابن تيمية رحمه الله:

"ومن التنازع الموجود عنهم ما يكون اللفظ فيه محتملاً للأمرين؛ إما لكونه مشتركًا في اللفظ كلفظ {قَسْوَرَةٍ} الذي يراد به الرامي، ويراد به الأسد، ولفظ {عَسْعَسَ} الذي يراد به إقبال الليل وإدباره". اهـ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير