تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

"وما نقل في ذلك عن بعض الصحابة نقلاً صحيحًا فالنفس إليه أسكن مما نقل عن بعض التابعين؛ لأن احتمال أن يكون سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم أو من بعض من سمعه منه أقوى؛ ولأن نقل الصحابة عن أهل الكتاب أقل من نقل التابعين، ومع جزم الصاحب فيما يقوله، فكيف يقال: إنه أخذه عن أهل الكتاب وقد نهوا عن تصديقهم؟ ". اهـ

فلا يستجيز الصحابي رفع الإسرائيليات إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، إذ ذلك غير متصور في حق آحاد الرواة فكيف بخير طباق الأمة؟، وإنما وقع الغلط ممن أتى بعدهم، فرفع أقوالا رواها بعض الصحابة الذين أخذوا عن بني إسرائيل كعبد الله بن عمرو، رضي الله عنهما، عملا بقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (حَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ)، فذلك محمول على ما سكت عنه شرعنا فلم يتعرض له بتصديق أو تكذيب.

يقول ابن تيمية رحمه الله:

"الأحاديث الإسرائيلية تذكر للاستشهاد لا للاعتقاد، فهي على ثلاثة أقسام:

أحدها: ما علمنا صحته مما بأيدينا مما يشهد له بالصدق فذاك صحيح.

والثاني: ما علمنا كذبه بما عندنا مما يخالفه.

والثالث: ما هو مسكوت عنه لا من هذا القبيل ولا من هذا القبيل، فلا نؤمن به ولا نكذبه وتجوز حكايته؛ لما تقدم. وغالب ذلك مما لا فائدة فيه تعود إلى أمر ديني؛ ولهذا يختلف علماء أهل الكتاب في مثل هذا كثيرًا. ويأتي عن المفسرين خلاف بسبب ذلك، كما يذكرون في مثل هذا أسماء أصحاب الكهف، ولون كلبهم، وعدتهم، وعصا موسي من أي الشجر كانت، وأسماء الطيور التي أحياها اللّه لإبراهيم، وتعيين البعض الذي ضرب به القتيل من البقرة، ونوع الشجرة التي كلم اللّه منها موسى، إلى غير ذلك مما أبهمه اللّه في القرآن، مما لا فائدة في تعيينه تعود على المكلفين في دنياهم ولا دينهم، ولكن نقل الخلاف عنهم في ذلك جائز". اهـ بتصرف.

والإسرائيليات لا تخرج في أحسن أحوالها عن دائرة الاستشهاد، فلا يحتج بها كأصل في أي باب من أبواب الدين إذ في شريعتنا غنية عنها، فما صح منها، فعندنا ما يغني عنه.

بل إن منقولنا أصح من منقولهم في نفس الخبر، فخبرنا أليق بالنقل الصحيح والعقل الصحيح، واعتبر بنحو نقلهم عن المسيح عليه السلام:

فيما حكي في إنجيل متى من حصر الشيطان للمسيح عليه السلام أربعين يوما يمتحنه!!!! فقال له في بعض أحواله معه:

"إن كنت ابن الله فقل لهذه الصخور تصير خبزا فقال له المسيح مجيبا له إنه مكتوب أن حياة الإنسان لا تكون بالخبز بل بكل كلمة تخرج من الله ثم ساقه الشيطان إلى مدينة بيت المقدس وأقامه على قرنة الهيكل وقال له إن كنت ابن الله فارم بنفسك من هاهنا فإنه مكتوب إن الملائكة توكل بك لئلا تعثر رجلك بالحجر قال يسوع ومكتوب أيضا لا تجرب الرب إلهك ثم ساقه إلى جبل عال وأراه جميع مملكات الدنيا وزخارفها وقال له إن خررت على وجهك ساجدا لي جعلت هذا الذي ترى كله لك قال لة المسيح اغرب أيها الشيطان فإنه مكتوب اسجد للرب إلهك ولا تعبد شيئا سواه ثم بعث الله عز وجل ملكا اقتلع العدو من مكانه ورمى به في البحر وأطلق السبيل للمسيح"

"الجواب الصحيح"، (2/ 364).

وقد أورده اللالكائي، رحمه الله، في "شرح اعتقاد أهل السنة والجماعة" من طريق:

"محمد بن الحسين الفارسي قال: أخبرنا أحمد بن سعيد الثقفي قال: ثنا محمد بن يحيى الذهلي قال: ثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر، عن الزهري، وعن ابن طاوس، عن أبيه قالا: لقي عيسى ابن مريم إبليس فقال: أما علمت أنه لا يصيبك إلا ما قدر لك؟ فقال إبليس: فأوف بذروة هذا الجبل فترد منه فانظر أتعيش أم لا؟ قال ابن طاوس عن أبيه قال: أما علمت أن الله تعالى قال: لا يجربني عبدي فإني أفعل ما شئت، قال: فقال الزهري: إن العبد لا يبتلي ربه ولكن الله يبتلي عبده. قال: فخصمه". اهـ

"شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة"، (4/ 341).

وهي رواية اقرب إلى المعقول والمنقول من حال الرسل عليهم الصلاة والسلام إذ هم مؤيدون غالبون، لا ممتنحون بحصار إبليسي، فيتسلط الشيطان عليهم تسلطا لا يتسلطه على آحاد البشر!!!.

وغالب المنقول في التفسير كالمنقول في المغازي، (أي: السير)، والملاحم، (أي: الفتن وأشراط الساعة).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير