تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أو: قصر عموم ألفاظ القرآن على أفراد بعينهم، بلا دليل مخصص، فتهدر دلالات النصوص، فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فكيف إذا كان السبب في نفسه باطلا لم يصح، وهذا هو الغالب على تفاسير أهل البدع ممن غلا في علي، رضي الله عنه، كما تقدم ذكر أمثلة على ذلك في كلام شيخ الإسلام، فضلا عن الباطنية الذين يخرجون باللفظ عن دلالته السياقية والوضعية فيصرفونه إلى معان لا يدل عليها نقل أو عقل، حتى وصل بهم الأمر إلى تأويل أحكام الشريعة الظاهرة مما لم يقع فيه خلاف بين أهل القبلة إلى معان باطنة تدل على زندقة قائلها، كما هو غالب على تفاسير الإسماعيلية والنصيرية والدروز ....... إلخ من الفرق الباطنية.

وينبغي التنبه في هذا النوع من الخلاف إلى الفرق بين:

نقل الضعيف عن غيره، فهو مردود، والقول المنسوب إليه، فإنه لا يلزم رده، لاسيما إن كان على جهة الدراية، فقد يكون ضعيفا من جهة روايته، ولكنه إمام في اللغة أو الأصول أو الفقه، فيفسر اللفظ تفسيرا درائيا صحيحا بما أوتي من علوم الآلة.

ثانيا: الخلاف الواقع في التفسير من جهة الدراية:

وتفسير الدراية لا يتصدى له إلا المبرزون في فنون من العلم أوصلها بعض أهل العلم إلى: 15 علما.

وقد ذهب بعض أهل العلم إلى حظره، وذهب آخرون إلى جوازه، إذا توفرت في المفسر أهلية النظر في آي الكتاب العزيز: مبنى ومعنى، فيكون متقنا لعلوم اللغة والشريعة، واستدلوا على ذلك بنحو قوله تعالى: (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها)، يقول القرطبي رحمه الله:

"ودلت هذه الآية، (أي: قوله تعالى: "أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا")، وقوله تعالى: (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها) على وجوب التدبر في القرآن ليعرف معناه.

فكان في هذا رد على فساد قول من قال: لا يؤخذ من تفسيره إلا ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومنع أن يتأول على ما يسوغه لسان العرب.

وفيه دليل على الأمر بالنظر والاستدلال وإبطال التقليد، وفيه دليل على إثبات القياس". اهـ

"الجامع لأحكام القرآن"، (5/ 253، 254).

وقد عزاه ابن تيمية، رحمه الله، إلى سببين:

أولا: اعتقاد معنى أولا، ثم النظر في القرآن ثانيا لتأييد هذا المعنى، ولو كان باطلا في نفس الأمر، فتثار المتشابهات وتلوى أعناق المحكمات بتخصيص عموماتها أو حملها على أوجه لغوية بعيدة تجعلها أقرب إلى الإلغاز منها إلى الإفهام، وهذا حال أصحاب البدع لاسيما أصحاب المقالات العلمية كما سبقت الإشارة إلى ذلك، فضلا عن بقية الملل التي تلتقط المتشابهات من بطون الكتب بالمناقيش، حتى استدل الشيوعيون في أوج دولتهم على صحة مذهبهم الإلحادي بنصوص إلهية!!!!.

وأصحاب هذا المسلك على نوعين:

الأول: قوم أخطأوا في الدليل والمدلول، فالمعنى باطل ابتداء، والاستدلال باطل انتهاء، كمن استدل على إمامة علي، رضي الله عنه، بقوله تعالى: (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا)، فالمعنى باطل: لأن دعوى كون الإمامة ركنا من أركان الدين غلو وزيادة في الدين لا دليل عليها، بل الدليل من القرآن والسنة شاهد على بطلانها.

والاستدلال باطل من جهات منها:

قصر عموم الاسم الموصول "الذين"، وهو نص في العموم، على فرد بعينه.

وتفسير الولي بالحاكم، والصحيح أنه مشترك لفظي ازدحمت فيه المعاني فيأتي بمعنى: الناصر والمحب والعتيق والوالي ......... إلخ، وما دخله الاحتمال سقط به الاستدلال، إذا كان الاحتمال معتبرا، كما قرر الأصوليون، والاحتمال هنا معتبر لازدحام معان كثيرة في لفظ واحد ازدحاما يقطع بعدم حصول البيان في مسألة جليلة هي ركن من أركان الدين عند قائلها، فلو كان قوله صحيحا لورد النص عليها: صراحة بلفظ قطعي الدلالة يقطع أي احتمال للتأويل في أصل من أصول الدين لا يقبل العمل إلا به، كما ادعى أصحاب هذه المقالة.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير