تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

كبيان قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (أَلَا وَلَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ مِنْ مَالِ أَخِيهِ شَيْءٌ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ)، فهو مؤكد لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ).

رابعا: بيان النسخ:

فالنسخ لا يثبت إلا بالنص، إذ لا نسخ بعد زمن النبوة، وإذا قيل: نسخ الإجماع كذا وكذا من الأحكام، فإن الناسخ عند التحقيق نص آخر استند إليه هذا الإجماع كما تقرر في الأصول.

يقول النووي، رحمه الله، في "التقريب": "والإجماع لا ينسخ، ولا يُنْسَخْ، ولكن يدل على ناسخ". اهـ

ومن ذلك بيان نسخ قوله تعالى: (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ)، بآيات المواريث إذ دل عليه قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إن الله قد أعطى كلّ ذي حق حقه، فلا وصية لوارث)، وقال بعض أهل العلم: إن الحديث ناسخ بنفسه، ومنع ذلك جمهور أهل العلم لعدم جواز نسخ المتواتر بالآحاد، وأجاب المجيزون بأن هذا الحديث قد بلغ حد التواتر، ولا إشكال في نسخ المتواتر بالمتواتر، وعلى فرض كونه آحادا، فلا إشكال أيضا، عند التحقيق، في نسخ المتواتر بالآحاد لأن محل النسخ: الحكم الذي دل عليه النص لا لفظه، والحكم ظني، فجاز رفع الظني بالظني، وإن ثبت الأول بقطعي الثبوت، والثاني بظني الثبوت.

خامسا: بيان أحكام زائدة على ما جاء في الكتاب:

كتحريم نكاح المرأة على عمتها، والمرأة على خالتها، وهو داخل في تخصيص عموم قوله تعالى: (وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ)، من جهة أخرى.

بتصرف واسع من مذكرة "المدخل إلى علم التفسير"، ص75_77.

فضلا عن وقوع بيان مجملات القرآن بالقرآن نفسه، وهو أول ما يلجأ إليه المفسر، والوحي المعجز يدخل في حد "الأثر" من جهة اعتماده الروايةَ في نقله، وإن كان لا يدخل من جهة كونه كلام رب البشر، جل وعلا، والأثر اصطلاحا: كلام أثر عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أو عن أصحابه رضي الله عنهم ومن جاء بعدهم، وهو الأشهر.

ومن صور البيان القرآني:

تفسير مجمل قوله تعالى: (فَتَلَقَّى آَدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ)، بمفصل قوله تعالى: (قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ).

وتقييد مطلق اليد في آية التيمم باليد المقيدة إلى المرافق، في آية الوضوء، وهذا قول جمع من الشافعية، رحمهم الله، لاتحاد السبب وهو: الطهارة، وإن اختلف الحكمان: المسح في التيمم والغسل في الوضوء، وقد ورد في ذلك آثار لا تخلو أسانيدها من مقال.

والمثال الذي لا خلاف فيه بين أهل العلم على هذه الصورة:

حمل مطلق "الدم" في قوله تعالى: (إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ)، على الدم المقيد في قوله تعالى: (أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا)، لاتحاد السبب: وهو النجاسة، والحكم: وهو التحريم، فيحرم المسفوح دون ما بقي في العروق.

وتخصيص عموم نفي الخلة في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ)، بالخلة المستثناة في قوله تعالى: (الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ)، والشفاعة المنفية في قوله تعالى: (وَلَا شَفَاعَةٌ)، بالشفاعة المستثناة في قوله تعالى: (مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير