تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وقد اعترض جمع من الصحابة، رضي الله عنهم، على رأسهم: الزبير وعبد الرحمن بن عوف وبلال، رضي الله عنهم، على رأي عمر، رضي الله عنه، في وقف الأرض المفتوحة على أبناء المسلمين وعدم قسمتها بين الفاتحين، فلم يمض عمر، رضي الله عنه، رأيه لأنه ملهم محدث، وإنما استشار أصحاب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من المهاجرين الأولين، فأيده عثمان وعلي وطلحة ومعاذ وعبد الله بن عمر، رضي الله عنهم، وعارضه من تقدم ذكرهم، فاحتكموا إلى عشرة من الأنصار: خمسة من الأوس، وخمسة من الخزرج، فاجتمع أهل الشورى أخيرا على رأي عمر رضي الله عنه.

وقال رضي الله عنه:

"لا يقولّن أحد قضيت بما أراني الله تعالى فإنّ الله تعالى لم يجعل ذلك إلاّ لنبيّه وأمّا الواحد منّا فرأيه يكون ظنّا ولا يكون علماً". اهـ

وعند البيهقي في "السنن الكبرى":

(أخبرنا) أبو بكر الأصبهاني أنبأنا أبو نصر العراقي ثنا سفيان بن محمد الجوهري ثنا علي بن الحسن ثنا عبد الله بن الوليد ثنا سفيان عن الشيباني عن أبي الضحى عن مسروق قال: كتب كاتب لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: هذا ما أرى الله أمير المؤمنين عمر فانتهره عمر رضى الله عنه وقال: لا بل اكتب هذا ما رأى عمر فإن كان صوابا فمن الله وإن كان خطأ فمن عمر.

وعند البخاري رحمه الله:

حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَدِمَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرٍ فَنَزَلَ عَلَى ابْنِ أَخِيهِ الْحُرِّ بْنِ قَيْسِ بْنِ حِصْنٍ وَكَانَ مِنْ النَّفَرِ الَّذِينَ يُدْنِيهِمْ عُمَرُ وَكَانَ الْقُرَّاءُ أَصْحَابَ مَجْلِسِ عُمَرَ وَمُشَاوَرَتِهِ كُهُولًا كَانُوا أَوْ شُبَّانًا فَقَالَ عُيَيْنَةُ لِابْنِ أَخِيهِ يَا ابْنَ أَخِي هَلْ لَكَ وَجْهٌ عِنْدَ هَذَا الْأَمِيرِ فَتَسْتَأْذِنَ لِي عَلَيْهِ قَالَ سَأَسْتَأْذِنُ لَكَ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَاسْتَأْذَنَ لِعُيَيْنَةَ فَلَمَّا دَخَلَ قَالَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ وَاللَّهِ مَا تُعْطِينَا الْجَزْلَ وَمَا تَحْكُمُ بَيْنَنَا بِالْعَدْلِ فَغَضِبَ عُمَرُ حَتَّى هَمَّ بِأَنْ يَقَعَ بِهِ فَقَالَ الْحُرُّ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {خُذْ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنْ الْجَاهِلِينَ}، وَإِنَّ هَذَا مِنْ الْجَاهِلِينَ فَوَاللَّهِ مَا جَاوَزَهَا عُمَرُ حِينَ تَلَاهَا عَلَيْهِ وَكَانَ وَقَّافًا عِنْدَ كِتَابِ اللَّهِ.

وهذا حال المحدث المسدد فإنه ليس براج عصمة، فلزمه رد قوله وفعله إلى الوحي المعصوم، فإذا صح النقل سلم العقل.

ولم يمنعه مكانه من الخلافة أن يرجع إلى السنة إذا استبانت له:

وعند "البيهقي"، رحمه الله، في "السنن الكبرى":

أخبرنا أبو حازم الحافظ أنبأ أبو الحسن محمد بن أحمد بن حمزة الهروي ثنا أحمد بن نجدة ثنا سعيد بن منصور ثنا هشيم ثنا مجالد عن الشعبي قال: خطب عمر بن الخطاب رضى الله عنه الناس فحمد الله تعالى وأثنى عليه وقال: ألا لا تغالوا في صداق النساء فإنه لا يبلغني عن أحد ساق أكثر من شيء ساقه رسول الله صلى الله عليه وسلم أو سيق إليه إلا جعلت فضل ذلك في بيت المال. ثم نزل فعرضت له امرأة من قريش فقالت: يا أمير المؤمنين أكتاب الله تعالى أحق أن يتبع أو قولك قال: بل كتاب الله تعالى فما ذاك؟، قالت: نهيت الناس آنفا أن يغالوا في صداق النساء والله تعالى يقول في كتابه: (وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا) فقال عمر رضى الله عنه: كل أحد أفقه من عمر مرتين أو ثلاثا ثم رجع إلى المنبر فقال للناس: إني كنت نهيتكم أن تغالوا في صداق النساء ألا فليفعل رجل في ماله ما بدا له.

قال الحافظ البيهقي رحمه الله: هذا منقطع. اهـ

لأن رواية الشعبي عن عمر منقطعة، وقد تكلم في حفظ مجالد كما في ترجمته في "ميزان الاعتدال". والقصة مشهورة في كتب السير.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير