تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ومحل الشاهد منها أن عمر، رضي الله عنه، لم يتمسك برأيه لأنه ملهم محدث، بل عدل عنه لما استبانت له سنة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فلم يكن بد من الرجوع إليها.

ونسي عمر، رضي الله عنه، مشروعية تيمم الجنب، كما في حديث عمار رضي الله عنه: فلم يجعل عمر، رضي الله عنه، عدم علمه دليلا، إذ: عدم العلم ليس علما بالعدم، كما تقرر في الأصول، ولذلك لم يمنع عمارا، رضي الله عنه، من التحديث به، بل قال: (بَلْ نُوَلِّيك مِنْ ذَلِكَ مَا تَوَلَّيْت)، فمعه زيادة علم، ومن معه زيادة علم فخبره أولى بالقبول، كما تقرر في الأصول في مبحث الترجيح بين الأدلة المتعارضة.

قال ابن تيمية، رحمه الله، في "رفع الملام":

"فَهَذِهِ سُنَّةٌ شَهِدَهَا عُمَرُ ثُمَّ نَسِيَهَا حَتَّى أَفْتَى بِخِلَافِهَا وَذَكَّرَهُ عَمَّارُ فَلَمْ يَذْكُرْ وَهُوَ لَمْ يُكَذِّبْ عَمَّارًا بَلْ أَمَرَهُ أَنْ يُحَدِّثَ بِهِ. وَأَبْلَغُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ خَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ: لَا يَزِيدُ رَجُلٌ عَلَى صَدَاقِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَنَاتِهِ إلَّا رَدَدْته. فَقَالَتْ امْرَأَةٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لِمَ تَحْرِمُنَا شَيْئًا أَعْطَانَا اللَّهُ إيَّاهُ؟ ثُمَّ قَرَأَتْ: {وَآتَيْتُمْ إحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا} فَرَجَعَ عُمَرُ إلَى قَوْلِهَا وَقَدْ كَانَ حَافِظًا لِلْآيَةِ وَلَكِنْ نَسِيَهَا. وَكَذَلِكَ مَا رُوِيَ أَنَّ عَلِيًّا ذَكَّرَ الزُّبَيْرَ يَوْمَ الْجَمَلِ شَيْئًا عَهِدَهُ إلَيْهِمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَهُ حَتَّى انْصَرَفَ عَنْ الْقِتَالِ. وَهَذَا كَثِيرٌ فِي السَّلَفِ وَالْخَلَفِ". اهـ

وأما حديث فاطمة بنت قيس، رضي الله عنها، في نفقة المطلقة ثلاثا، فإن عمر، رضي الله عنه، لم يرد قولها: ردا للسنة أو قدحا في عدالتها فهي صحابية، والصحابة كلهم عدول كما تقرر في الأصول، وإنما شك في حفظها، فقال: "لَا نَتْرُكُ كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَوْلِ امْرَأَةٍ لَا نَدْرِي لَعَلَّهَا حَفِظَتْ أَوْ نَسِيَتْ"، ولم يحمل أحدا على قوله، فحكي الخلاف عن علي، وابن عباس، وجابر رضي الله عنهم.

ولذلك أخذ أحمد، رحمه الله، بحديث فاطمة بنت قيس، رضي الله عنه، ورد قول عمر، رضي الله عنه، لأنه قول صحابي عارض حديثا صحيحا، فالحجة في الصحيح، وهذا أصل في مذهب أحمد، رحمه الله، فهو يقدم الحديث إذا صح، وإن كان آحادا خالف القياس أو كان فيما تعم به البلوى أو عارض إجماع أهل المدينة ............. إلخ.

وعمر هو عمر في حكمته، في بعد نظره، في أوبته إلى الحق إذا استبان له.

والله أعلى وأعلم.

يتبع إن شاء الله.

ـ[مهاجر]ــــــــ[21 - 03 - 2009, 02:46 م]ـ

والإسرائيليات على ثلاثة أنواع:

"أحدها: ما علمنا صحته مما بأيدينا مما يشهد له بالصدق فذاك صحيح.

والثاني: ما علمنا كذبه بما عندنا مما يخالفه.

والثالث: ما هو مسكوت عنه لا من هذا القبيل ولا من هذا القبيل، فلا نؤمن به ولا نكذبه وتجوز حكايته، لقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج"، وغالب ذلك مما لا فائدة فيه تعود إلى أمر ديني؛ ولهذا يختلف علماء أهل الكتاب في مثل هذا كثيرًا. ويأتي عن المفسرين خلاف بسبب ذلك، كما يذكرون في مثل هذا أسماء أصحاب الكهف، ولون كلبهم، وعدتهم، وعصا موسي من أي الشجر كانت، وأسماء الطيور التي أحياها اللّه لإبراهيم، وتعيين البعض الذي ضرب به القتيل من البقرة، ونوع الشجرة التي كلم اللّه منها موسى، إلى غير ذلك مما أبهمه اللّه في القرآن، مما لا فائدة في تعيينه تعود على المكلفين في دنياهم ولا دينهم، ولكن نقل الخلاف عنهم في ذلك جائز، كما قال تعالى: {سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاء ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِم مِّنْهُمْ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير