تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أَحَدًا} [الكهف: 22] "

"شرح رسالة أصول التفسير"، ص81، 82.

ويشير البغوي، رحمه الله، إلى هذا التقسيم إشارة موجزة بقوله:

"ثم أخبارهم على ثلاثة أقسام: فمنها ما علمنا صحته بما دل عليه الدليل من كتاب الله أو سنة رسوله ومنها ما علمنا كذبه بما دل على خلافه من الكتاب والسنة أيضا، ومنها: ما هو مسكوت عنه، فهو المأذون في روايته بقوله عليه السلام: "حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج"، وهو الذي لا يصدق ولا يكذب لقوله: (فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم) ". اهـ

ورواية الإسرائيليات على وجه الاستئناس شيء، والاحتجاج بها وجعلها أصلا في التفسير أو الأحكام شيء آخر، فليس معنى تجويز الرواية عن بني إسرائيل: الاحتجاج بأقوالهم، تماما كالرواية عن الراوي المتكلم في عدالته أو ضبطه، فإن المحدثين قد يروون عنه استشهادا لا احتجاجا، فتكون روايته تبعا لا أصلا، وكذلك الحال في تجويز العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال، فإن من أجاز العمل به اشترط ألا يكون أصلا في بابه، فيصح الأصل بحديث صحيح أولا، ثم يستشهد بالضعيف ثانيا.

وقد اشترط أهل العلم في الحكم برفع ما يرويه الصحابي مما ليس من قبيل الرأي، ألا يكون ممن يروي الإسرائيليات، فإن مِن الصحابة، رضي الله عنهم، مَن أخذ عن أهل الكتاب، كعبد الله بن عمرو، رضي الله عنهما، الذي وجد يوم اليرموك زاملتين مملوءتين كتبا من علوم أهل الكتاب، فكان يحدث منهما بأشياء كثيرة من الإسرائيليات منها المعروف والمشهور والمنكر والمردود كما أشار إلى ذلك الحافظ ابن كثير رحمه الله في "البداية والنهاية"، فكانوا يروون الإسرائيليات من باب الاستئناس لا الرفع إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فهم أجل من أن يفعلوا ذلك كما سبقت الإشارة إليه تفصيلا.

ومن الشبه التي أثارها "جولدزيهر" المستشرق اليهودي النمساوي في كتابه "المذاهب الإسلامية في تفسير القرآن":

شبهة إكثار ابن عباس، رضي الله عنهما، من رواية الإسرائيليات، وهي شبهة ساقطة يردها فعل ابن عباس نفسه، فقد كان من أشد الناس نكيرا على من أكثر من سؤال أهل الكتاب، وفي البخاري: من حديث: عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ كَيْفَ تَسْأَلُونَ أَهْلَ الْكِتَابِ وَكِتَابُكُمْ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْدَثُ الْأَخْبَارِ بِاللَّهِ تَقْرَءُونَهُ لَمْ يُشَبْ وَقَدْ حَدَّثَكُمْ اللَّهُ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ بَدَّلُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ وَغَيَّرُوا بِأَيْدِيهِمْ الْكِتَابَ فَقَالُوا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ: {لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا}، أَفَلَا يَنْهَاكُمْ مَا جَاءَكُمْ مِنْ الْعِلْمِ عَنْ مُسَاءَلَتِهِمْ وَلَا وَاللَّهِ مَا رَأَيْنَا مِنْهُمْ رَجُلًا قَطُّ يَسْأَلُكُمْ عَنْ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْكُمْ.

فهل هذا قول من يترخص في رواية الإسرائيليات؟!!.

يقول الشيخ مناع القطان رحمه الله:

"وإجمالا لم يأخذ الصحابة عن أهل الكتاب شيئا في تفسير القرآن من الأخبار الجزئية سوى القليل النادر، فلما جاء عهد التابعين وكثر الذين دخلوا في الإسلام من أهل الكتاب كثر أخذ التابعين عنهم، ثم عظم شغف من جاء بعدهم من المفسرين بالإسرائيليات. قال ابن خلدون رحمه الله: "وإذا تشوفوا إلى معرفة شيء مما تتشوق إليه النفوس البشرية في أسباب المكونات، وبدء الخليقة، وأسرار الوجود، فإنما يسألون عنه أهل الكتاب قبلهم، ويستفيدونه منهم، وهم أهل التوراة من اليهود، ومن تبع دينهم من النصارى ........... فامتلأت التفاسير من المنقولات عنهم ............... ".

ولم يكن المفسرون يتحرون صحة النقل فيما يأخذونه من هذه الإسرائيليات، ومنها ما هو فاسد باطل، لذا كان على من يقرأ في كتبهم أن يتجاوز عما لا طائل تحته، وألا ينقل منها إلا ما تدعو إليه الضرورة وتتبين صحة نقله، ويظهر صدق خبره". اهـ

"مباحث في علوم القرآن"، ص324، 325.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير