تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وقد نقل الحاكم فقال حدثني بكر بن محمد الصيرفي بمرو أنا محمد ابن موسى البربري أنا المفضل بن غسان أنا علي بن صالح أنا موسى بن عبد الله بن حسن بن حسن عن إبراهيم بن عمر بن عبيد الله التيمي حدثني القاسم بن محمد قالت عائشة: جمع أبي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت خمسمائة حديث فبات ليلته يتقلب كثيرا قالت: فغمني فقلت أتتقلب لشكوى أو لشيء بلغك؟ فلما أصبح قال أي بنية: هلمي الأحاديث التي عندك فجئته بها فدعا بنار فحرقها، فقلت: لم أحرقتها؟ قال: خشيت أن أموت وهي عندي فيكون فيها أحاديث عن رجل قد ائتمنته ووثقت ولم يكن كما حدثني فأكون قد نقلت ذاك.

وعلق بقوله:

فهذا لا يصح والله أعلم. اهـ

وعلى التسليم بصحة الخبر: هل كان حديث النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: 500 حديث فقط، أو هي الأحاديث التي جمعها الصديق، رضي الله عنه، ليحفظها، ثم أحرقها خشية أن يكون الراوي الذي روى عنه لم يتقنها، فلم يشكك الصديق، رضي الله عنه، في عدالة من تحمل عنه، وإنما أراد بقوله: (ولم يكن كما حدثني): احتمال ورود الخطأ أو النسيان على الراوي فهو بشر يعتريه ما يعتري البشر من الخطأ والنسيان.

وإلى ذلك أشار الحافظ: عماد الدين بن كثير في مسند الصديق: فيما رواه من طريق الحاكم أبو عبد الله النيسابوري حدثنا بكر بن محمد بمرو حدثنا موسى بن حماد ثنا المفضل ابن غسان ثنا علي بن صالح حدثنا موسى بن عبد الله بن حسن بن حسن عن إبراهيم بن عمرو عن عبيد الله التيمي حدثنا القاسم بن محمد قال: قالت عائشة: جمع أبي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فكانت خمسمائة حديث، فبات ليلة يتقلب كثيرا، قالت: فغمني فقلت تتقلب لشكوى أو لشيء بلغك؟ فلما أصبح قال: أي بنية هلمي الأحاديث التي عندك فجئته بها فدعا بنار فأحرقها وقال، خشيت أن أموت وهي عندك فيكون فيها أحاديث عن رجل ائتمنته ووثقت به ولم يكن كما حدثني فأكون قد تقلدت ذلك.

وقد رواه القاضي أبو أمية الأحوص بن المفضل بن غسان الغلابي عن أبيه عن علي بن صالح عن موسى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عن إبراهيم بن عمر بن عبيد الله التيمي حدثني القاسم بن محمد أو ابنه عبد الرحمن بن القاسم شك موسى فيهما قال: قالت عائشة - فذكره وزاد بعد قوله: فأكون قد تقلدت ذلك ويكون قد بقي حديث لم أجده فَيُقال: لو كان قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم ما غبي على أبي بكر إني حدثتكم الحديث ولا أدري لعلي لم أتتبعه حرفا حرفا.

قال ابن كثير: "هذا غريب من هذا الوجه جدا وعلي بن صالح لا يعرف والأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من هذا المقدار بألوف ولعله إنما اتفق له جمع تلك فقط ثم رأى ما رأى لما ذكرت". اهـ

قال الشيخ جلال الدين السيوطي رحمه الله تعالى: "أو لعله جمع ما فاته سماعه من النبي صلى الله عليه وسلم وحدثه عنه به بعض الصحابة كحديث الجدة ونحوه والظاهر أن ذلك لا يزيد على هذا المقدار لأنه كان أحفظ الصحابة وعنده من الأحاديث ما لم يكن عند أحد منهم كحديث: (ما دفن نبي إلا حيث يقبض) ثم خشي أن يكون الذي حدثه وهم فكره تقلد ذلك وذلك صريح في كلامه". اهـ

فكأنه كتب ما فاته حفظه ليحفظه، فالكتابة بمثابة المكمل للحفظ، فالأصل: الحفظ، والفرع: الكتابة، ولما خشي أن يرد الناس الحديث إذا لم يجدوه في هذه الصحف، بحجة أن أبا بكر، رضي الله عنه، أكثر الصحابة ملازمة للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ومع ذلك لم يدون ذلك الحديث فهذا مئنة من بطلانه، لما خشي ذلك: أمر بإحراقها، لأنه لم يرد بها جمع كل حديث النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وإنما قصد جمع ما فاته كما تقدم.

وكذلك كان الحال زمن التابعين، فكانت الكتابة: مسلكا شخصيا لا جماعيا منظما، وظهر في تلك الفترة باكورة التفاسير، وهو: تفسير سعيد بن جبير، رحمه الله، الذي صنفه للخليفة الأموي عبد الملك بن مروان سنة 86 هـ.

ثم دون التفسير كباب من أبواب المصنفات الحديثية التي سبقت التفاسير إلى الظهور، لأن الحاجة إلى حفظ السنة أمس، فكان التفسير يعتمد على النقل المحض.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير