ـ[مهاجر]ــــــــ[31 - 03 - 2009, 08:53 ص]ـ
ومن مباحث هذا الاتجاه:
معرفة أعلام المفسرين التي ترجع إليهم معظم الروايات المنقولة إلينا بالأسانيد ومعرفة الطرق إليهم والحكم عليها صحة أو ضعفا:
أولا: ابن عباس رضي الله عنهما:
وهو ممن تعددت الطرق إليه فنسب إليه كثير من الأقوال في التفسير، لكونه ممن أوتي علم التأويل ببركة دعاء النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (اللهم فقهه في الدين، وعلمه التأويل).
وأبرز الطرق إليه:
أولا: طريق معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة وهذه أجود الطرق وفيها قال الإمام أحمد:
"إن بمصر صحيفة في التفسير رواها علي بن أبي طلحة لو رحل رجل فيها إلى مصر قاصدا ما كان كثيرا". اهـ
وقد رواها أبو صالح كاتب الليث عن معاوية بن صالح، فكانت عنده، وأبو صالح: صحيح الكتاب على غفلة فيه، وهذه الطريق هي التي اعتمدها البخاري، رحمه الله، فيما يعلقه عن ابن عباس، رضي الله عنهما، في صحيحه، وقد اعتمد عليها ابن جرير، رحمه الله، كثيرا في تفسيره، وكذلك: ابن أبي حاتم وابن المنذر ومسلم.
وكعادة جولدسيهر: حاول التشكيك في صحة هذه الطريق لأن علي بن أبي طلحة، رحمه الله، لم يسمع من ابن عباس، رضي الله عنهما، فتكون روايته عنه منقطعة.
والرد على ذلك:
أن الساقط من الإسناد قد علمت عينه فهو: "مجاهد بن جبر"، رحمه الله، وهو إمام لا يحتاج إلى تعديل، فلا يضر إرسال علي عن ابن عباس بعد أن علمت الواسطة بينهما وتبينت عدالتها، بل وإمامتها في هذا الشأن.
قال في "الإتقان":
"وقال قوم: لم يسمع ابن أبي طلحة من ابن عباس التفسير، وإنما أخذه عن مجاهد أو سعيد بن جبير. قال ابن حجر: بعد أن عرفت الواسطة وهو ثقة فلا ضير في ذلك". اهـ
ثانيا: طريق قيس بن مسلم الكوفي عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس وهذه صحيحة على شرط الشيخين وكثيرا ما يخرج منها الحاكم، رحمه الله، في "مستدركه".
ثالثا: طريق ابن إسحاق صاحب السير عن محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس وهي جيدة وإسنادها حسن، فمحمد بن إسحاق، رحمه الله، حسن الحديث، إذا صرح بالتحديث.
وقد أخرج منها ابن جرير وابن أبي حاتم كثيرا، وأكثر منها، أيضا، الطبراني، رحمه الله، في معجمه.
رابعا: طريق إسماعيل بن عبد الرحمن السدي الكبير، تارة عن أبي مالك، وتارة عن أبي صالح عن ابن عباس، وإسماعيل السدي: مختلف في توثيقه، وحديثه عند مسلم وأهل السنن، وهو: تابعي شيعي.
وقد أكثر من هذه الطريق: ابن جرير، رحمه الله، في تفسيره، ولم يخرج منها ابن أبي حاتم، رحمه الله، شيئا في تفسيره لأنه التزم تخريج أصح ما ورد.
ومن ترجمة السدي في "ميزان الاعتدال" يظهر تعارض أقوال النقاد فيه توثيقا وتضعيفا:
"قال يحيى القطان: لا بأس به.
وقال ابن المديني: سمعت يحيى بن سعيد يقول: ما رأيت أحدا يذكر السدى إلا بخير، وما تركه أحد.
(وهذه شهادة مهمة من ناقد متشدد كيحيى بن سعيد القطان).
وقال أحمد: ثقة.
وقال ابن معين: في حديثه ضعف.
وقال أبو حاتم: لا يحتج به. (وأبو حاتم، رحمه الله، من المتشددين في هذا الباب).
وقال ابن عدى: هو عندي صدوق.
ورمى السدي بالتشيع.
وقال الجوزجاني: حدثت عن معتمر، عن ليث، قال: كان بالكوفة كذابان، فمات أحدهما: السدي والكلبي، (والجوزجاني معروف بتحامله على رواة الكوفة).
وقال حسين بن واقد المروزي: سمعت من السدي فما قمت حتى سمعته يشتم أبا بكر وعمر، فلم أعد إليه. (فيكون على هذه الرواية: رافضيا غاليا يقع في الشيخين رضي الله عنهما).
قلت (أي: الذهبي رحمه الله): وهو السدي الكبير، فأما السدي الصغير فهو محمد بن مروان، يروي عن الأعمش: واه بمرة". اهـ
يقول السيوطي رحمه الله: "وتفسير إسماعيل السدي يورده بأسانيد إلى ابن مسعود وابن عباس. وروى عن السدي الأئمة مثل الثوري وشعبة، لكن التفسير الذي جمعه رواه أسباط بن نصر، وأسباط لم يتفقوا عليه، غير أن أمثل التفاسير تفسير السدي". اهـ
وأسباط ممن احتج بهم مسلم، رحمه الله، فيما وافقوا عليه الثقات لعلو إسناده.
¥