خامسا: طريق عبد الملك بن جريج عن ابن عباس، وهي طريقة تحتاج إلى دقة في البحث ليعرف صحيحها من سقيمها. فعبد الملك بن جريج لم يسمع من ابن عباس رضي الله عنهما.
سادسا: طريق الضحاك بن مزاحم الهلالي عن ابن عباس، رضي الله عنهما، وهي غير مرضية، لأن الضحاك، وإن كان ثقة، إلا أنه لم يسمع من ابن عباس، فإن انضم إلى ذلك رواية بشر بن عمارة عن أبي روق عن الضحاك، فهي أشد ضعفا لضعف بشر، فإن كان الراوي عن الضحاك: جويبر، فهو أدهى وأمر، لكون جويبر متروكا.
يقول السيوطي، رحمه الله، في "الدر المنثور":
"ومنهم جويبر بن سعيد وهو واه روى التفسير عن الضحاك بن مزاحم وهو صدوق عن ابن عباس رضي الله عنهما، ولم يسمع منه شيئاً". اهـ
ومن ترجمة "الضحاك" في "ميزان الاعتدال":
"قال يحيى القطان: كان شعبة ينكر أن يكون الضحاك لقي ابن عباس قط.
وقال الطيالسي: حدثنا شعبة، سمعت عبد الملك بن ميسرة يقول: الضحاك لم يلق ابن عباس، إنما لقي سعيد بن جبير بالري، فأخذ عنه التفسير.
(ولقائل أن يقول: إذا علم أن عين الساقط بينه وبين ابن عباس: سعيد بن جبير، رحمه الله، فللرواية حكم الاتصال لأن الساقط: ثقة).
وقال شعبة: قلت لمشاش: سمع الضحاك من ابن عباس؟ قال: ما رآه قط.
وقال يحيى بن سعيد: الضحاك ضعيف عندنا.
ووثقه أحمد، وابن معين، وأبو زرعة.
وقال عبد الله بن أحمد: سمعت أبي يقول: الضحاك بن مزاحم ثقة مأمون.
(وقد علم تشدد يحيى القطان، رحمه الله، في الرجال، فيقدم قول الموثقين، لاسيما إن كانوا أئمة من طبقة أحمد وابن معين وأبي زرعة رحمهم الله).
وقال ابن عدي: الضحاك بن مزاحم إنما عرف بالتفسير، فأما رواياته عن ابن عباس وأبي هريرة، وجميع من روى عنه ففي ذلك كله نظر". اهـ
سابعا: طريق عطية العوفي عن ابن عباس، وهي طريق غير مرضية فعطية ضعيف ليس بواه، وربما حسن له الترمذي، رحمه الله، وقد وقع بعض التساهل من الترمذي، رحمه الله، كما ذكر ذلك بعض أهل العلم.
وعطية: شيعي مدلس، وقد اشتهر بالتدليس عن أبي سعيد الخدري، رضي الله عنه، فيقول: عن أبي سعيد، وإنما يقصد: الكلبي المتروك، كما أشار إلى ذلك الذهبي، رحمه الله، في "ميزان الاعتدال" في ترجمة "عطية" بقوله:
"وقال أحمد: بلغني أن عطية كان يأتي الكلبي فيأخد عنه التفسير، وكان يكنى بأبي سعيد فيقول: قال أبو سعيد.
قلت (أي: الحافظ الذهبي رحمه الله): يعني يوهم أنه الخدري. (وهذا من تدليس الشيوخ المضر، إذ يوهم ثقة شيخه وهو ضعيف في نفس الأمر، فليس الأمر انتقالا من ثقة إلى ثقة ليهون الخطب، وإنما هو انتقال من ثقة إلى ضعيف) ". اهـ
ثامنا: طريق مقاتل بن سليمان الأزدي الخراساني، فهو إمام في التفسير، كما أثر عن الشافعي، رحمه الله، ولكنه مع ذلك ضعيف. قال بعض أهل العلم: يروي عن مجاهد والضحاك ولم يسمع منهما وقد كذبه غير واحد ولم يوثقه أحد واشتهر عنه التجسيم والتشبيه.
ومن ترجمته في "ميزان الاعتدال":
"وقال البخاري: سكتوا عنه، (وهذه من عبارات الجرح الشديدة عند البخاري رحمه الله).
وروى عباس، عن يحيى، قال: ليس حديثه بشيء.
وقال ابن حبان: كان يأخذ من اليهود والنصارى من علم القرآن الذى يوافق كتبهم، وكان يشبه الرب بالمخلوقات، وكان يكذب في الحديث". اهـ
وقد اتهمه النسائي، رحمه الله، بالوضع.
تاسعا: طريق محمد بن السائب الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس: وهذه أوهى الطرق لا سيما إن كان الراوي عن محمد بن السائب: محمد بن مروان السدي الصغير.
يقول السيوطي رحمه الله:
"والكلبي اتهموه بالكذب، وقد مرض فقال لأصحابه في مرضه: كل شيء حدثتكم عن أبي صالح كذب، ومع ضعف الكلبي قد روي عنه تفسير مثله أو أشد ضعفاً وهو محمد بن مروان السدي الصغير، ورواه عن محمد بن مروان مثله، أو أشد ضعفاً وهو صالح بن محمد الترمذي". اهـ
ومن ترجمة أبي صالح "باذام" من "ميزان الاعتدال":
"قال ابن المديني، سمعت يحيى بن سعيد يذكر عن سفيان، قال: قال الكلبي: قال لي أبو صالح: كل ما حدثتك كذب.
وقال ابن معين: إذا روى عنه الكلبي فليس بشيء". اهـ
وأما "باذام" نفسه فقد جاء في ترجمته:
"ضعفه البخاري.
وقال النسائي: باذام ليس بثقة.
¥