تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

قلت، (أي: القرطبي رحمه الله): الصحيح خلاف هذا، فإن إتلاف المرء نفسه في سفر المعصية أشد معصية مما هو فيه، قال الله تعالى: "ولا تقتلوا أنفسكم" [النساء: 29] وهذا عام، ولعله يتوب في ثاني حال فتمحو التوبة عنه ما كان.

وقد قال مسروق: من اضطر إلى أكل الميتة والدم ولحم الخنزير فلم يأكل حتى مات دخل النار، إلا أن يعفو الله عنه.

قال أبو الحسن الطبري المعروف بالكيا: وليس أكل الميتة عند الضرورة رخصة بل هو عزيمة واجبة، ولو امتنع من أكل الميتة كان عاصيا، وليس تناول الميتة من رخص السفر أو متعلقا بالسفر بل هو من نتائج الضرورة سفرا كان أو حضرا، وهو كالإفطار للعاصي المقيم إذا كان مريضا، وكالتيمم للعاصي المسافر عند عدم الماء.

قال: وهو الصحيح عندنا". اهـ

"الجامع لأحكام القرآن(2/ 207).

ومنه اختياره قول الشافعي وأحمد، رحمهما الله، في خيار المجلس:

يقول القرطبي، رحمه الله، في تفسير قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا):

"وكان أحمد بن حنبل يقول: هما بالخيار أبدا ما لم يتفرقا بأبدانهما، وسواء قالا: اخترنا أو لم يقولاه حتى يفترقا بأبدانهما من مكانهما، وقاله الشافعي أيضا.

وهو الصحيح في هذا الباب للأحاديث الواردة في ذلك.

وهو مروي عن ابن عمر وأبي برزة وجماعة من العلماء.

وقال مالك وأبو حنيفة: تمام البيع هو أن يعقد البيع بالألسنة فينجزم العقد بذلك ويرتفع الخيار". اهـ

"الجامع لأحكام القرآن(5/ 132).

فقد روى مالك، رحمه الله، حديث: "الْمُتَبَايِعَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ عَلَى صَاحِبِهِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا إِلَّا بَيْعَ الْخِيَارِ وعقب بقوله: "وَلَيْسَ لِهَذَا عِنْدَنَا حَدٌّ مَعْرُوفٌ وَلَا أَمْرٌ مَعْمُولٌ بِهِ فِيهِ"، فحمل التفرق على التفرق بلفظ العقد لا بأبدان المتعاقدين.

ومنه مسألة الدلك في الغسل:ومذهب المالكية، رحمهم الله، فيه: الوجوب.

فقد أومأ إلى قول الجمهور بإجزاء صب الماء على الجسد أو الانغماس فيه دون دلك.

يقول القرطبي رحمه الله:

"والمشهور من مذهبه أنه لا يجزئه حتى يتدلك، قياسا على غسل الوجه واليدين. وحجة الجماعة أن كل من صب عليه الماء فقد اغتسل. والعرب تقول: غسلتني السماء.

وقد حكت عائشة وميمونة صفة غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يذكرا تدلكا، ولو كان واجبا ما تركه، لأنه المبين عن الله مراده، ولو فعله لنقل عنه، كما نقل تخليل أصول شعره بالماء وغرفه على رأسه، وغير ذلك من صفة غسله ووضوئه عليه السلام". اهـ

"الجامع لأحكام القرآن(5/ 184).

ومسألة قضاء قضاء رمضان أي: من أفسد صيام يوم قضاء، فقضاه بعد ذلك:يقول القرطبي رحمه الله:

"وروى ابن القاسم عن مالك أن من أفطر في قضاء رمضان فعليه يومان، وكان ابن القاسم يفتي به ثم رجع عنه ثم قال: إن أفطر عمدا في قضاء القضاء كان عليه مكانه صيام يومين، كمن أفسد حجه بإصابة أهله، وحج قابلا فأفسد حجه أيضا بإصابة أهله كان عليه حجتان.

قال أبو عمر: قد خالفه في الحج ابن وهب وعبد الملك، وليس يجب القياس على أصل مختلف فيه.

والصواب عندي - والله أعلم - أنه ليس عليه في الوجهين إلا قضاء يوم واحد، لأنه يوم واحد أفسده مرتين". اهـ

"الجامع لأحكام القرآن(2/ 253).

ومسألة الخروج لصلاة العيد في اليوم التالي له:

يقول القرطبي رحمه الله:

"روى الدارقطني عن ربعي بن حراش عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: اختلف الناس في آخر يوم من رمضان فقدم أعرابيان فشهدا عند النبي صلى الله عليه وسلم لأهلا الهلال أمس عشية، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس أن يفطروا وأن يغدوا إلى مصلاهم. قال الدارقطني: هذا إسناد حسن ثابت.

قال أبو عمر: لا خلاف عن مالك وأصحابه أنه لا تصلى صلاة العيد في غير يوم العيد ولا في يوم العيد بعد الزوال، وحكي عن أبي حنيفة ....... ثم قال في آخر المسألة مرجحا ما دلت عليه السنة:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير