تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الْأَشْهَادُ).

بتصرف من: "مباحث في علوم القرآن"، ص91.

وقد تكون المناسبة بين ختام سورة وافتتاح أخرى، كما في ختام سورة المائدة وافتتاح الأنعام:

ففي قوله تعالى: (لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ): تقرير لعموم أوصاف ربوبيته، عز وجل، أتبع بلازمه من الحمد الذي صدرت به سورة الأنعام: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ)

فهو المحمود بكمال الربوبية ومع ذلك: (الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ)!، فقرر ألوهيته المرادة شرعا بالتعريض بمنكرها الذي يخضع لربوبيته كونا، فأمره عجب! يتقلب في نعمته السابغة ويبارزه بالمعاصي الظاهرة والباطنة!.

ومن مآخذ البحث الأدبي المعاصر للكتاب العزيز: ما سلكه بعض الأدباء بحجة البحث العلمي المتجرد، من نزع لقداسة الوحي المنزل، فأجروه مجرى المأثور من المنظوم والمنثور، بل وتجرأ بعضهم فادعى وقوع بعض الأخطاء فيه، مع أن القرآن حاكم على اللغة، فكيف صار المحكوم حاكما، والتابع متبوعا إلا عند أقوام لا خلاق لهم فغاية أمرهم التغذي على فتات موائد المستشرقين، فليت إفكهم من رؤوسهم، وإنما تشبعوا بما لم يعطوا حتى في الباطل!.

خامسا: الاتجاه الفلسفي:

وهو يهتم بالقضايا العقلية والفلسفية التي أثارها الفلاسفة والمتكلمون في العصور المتأخرة، لاسيما المتكلمون من أمثال الرازي، رحمه الله، وهو كلف بالرد على أصحاب المقالات، كالغلاة في آل البيت رضي الله عنهم، وأهل السنة الذين يرد عليهم من منطلق كونه على طريقة المتكلمين المنتسبين إلى أبي الحسن الأشعري رحمه الله. وبينهم وبين أهل السنة خلافات عميقة الجذور في كثير من أبواب الإلهيات.

سادسا: الاتجاه الصوفي:

وهو اتجاه يقارب الاتجاه الفلسفي، وإن غلا في التفسير الإشاري، من قبيل إشارات أبي عبد الرحمن السلمي، وقد تطور هذا الاتجاه تطورا غير مرضي وصل إلى حد الزندقة التي طفحت بها مصنفات ابن عربي الطائي الأندلسي، نزيل دمشق، المتوفى سنة 638 هـ، وهو من حمل لواء بدعة الاتحاد العام الذي فاق الاتحاد الخاص عند النصارى قبحا وغلوا، فلجأ أصحاب هذا الاتجاه إلى تأويل ظواهر الشريعة تأويلات فلسفية باطنية تشبه إلى حد كبير تأويلات إخوان الصفا في رسائلهم، فتسلط طاغوت التأويل في كلامهم على كل نصوص الشريعة سواء أكانت أخبارا أم أحكاما.

والتأويل: تأويلان:

تأويل محمود:

بمعرفة معاني ألفاظ التنزيل ومواقعه، وللصدر الأول، رضي الله عنهم، منه أوفى نصيب، وإليه أشار ابن القيم رحمه الله بقوله: "وَمَعْلُومٌ أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَاهَدُوا التَّنْزِيلَ، وَعَرَفُوا التَّأْوِيلَ، وَظَفِرُوا مِنْ الْعِلْمِ بِمَا لَمْ يَظْفَرْ بِهِ مَنْ بَعْدَهُمْ؛ فَهُمْ الْمُقَدَّمُونَ فِي الْعِلْمِ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ، كَمَا هُمْ الْمُقَدَّمُونَ فِي الْفَضْلِ وَالدِّينِ، وَعَمَلُهُمْ هُوَ الْعَمَلُ الَّذِي لَا يُخَالَفُ". اهـ

وقال في موضع تال:

"وَكَيْفَ يَطِيبُ قَلْبُ عَالِمٍ يُقَدِّمُ عَلَى أَقْوَالِ مَنْ وَافَقَ رَبَّهُ تَعَالَى فِي غَيْرِ حُكْمٍ فَقَالَ وَأَفْتَى بِحَضْرَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَزَلَ الْقُرْآنُ بِمُوَافَقَةِ مَا قَالَ لَفْظًا وَمَعْنًى قَوْلَ مُتَأَخِّرٍ بَعْدَهُ لَيْسَ لَهُ هَذِهِ الرُّتْبَةُ وَلَا يُدَانِيهَا؟ وَكَيْفَ يَظُنُّ أَحَدٌ أَنَّ الظَّنَّ الْمُسْتَفَادَ مِنْ آرَاءِ الْمُتَأَخِّرِينَ أَرْجَحُ مِنْ الظَّنِّ الْمُسْتَفَادِ مِنْ فَتَاوَى السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ الَّذِينَ شَاهَدُوا الْوَحْيَ وَالتَّنْزِيلَ وَعَرَفُوا التَّأْوِيلَ وَكَانَ الْوَحْيُ يَنْزِلُ خِلَالَ بُيُوتِهِمْ وَيَنْزِلُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ؟.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير