تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وابن أبي العز الحنفي، رحمه الله، في "شرح الطحاوية" بقوله: "وَخَبَرُ الْوَاحِدِ إِذَا تَلَقَّتْه الْأُمَّة بِالْقَبُولِ، عَمَلًا به وَتَصْدِيقًا له، يُفِيدُ الْعِلْمَ الْيَقِينِي عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْأُمَّة، وَهُوَ أَحَدُ قِسْمَي الْمُتَوَاتِرِ". اهـ

والاحتجاج بقراءة الآحاد في الأحكام: مسألة خلافية، حاصل القول فيها:

أن الراوي إذا أسندها إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أو إلى القرآن الكريم، كما أسند النبي صلى اله عليه وعلى آله وسلم حكم الرجم، مع كونه منسوخا، إلى كتاب الله، بقوله: "لأقضين بينكما بكتاب الله"، فهي تنزل منزلة خبر الآحاد، فتكون آية: (والشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتة نكالا من الله ورسوله): منسوخة التلاوة، متصلة الإسناد إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كخبر آحاد تلقته الأمة بالقبول، فعملت بمقتضاه، فلا يحل لأحد أن يحتج بنسخ تلاوة آية الرجم على إبطال حد الرجم، لأن نسخ التلاوة وبقاء الحكم أحد صور النسخ المعتبرة عند الأصوليين، فلا مانع من أن ينزل اللفظ فيتلى، حتى يستقر الحكم، ومن ثم يرفع اللفظ، ويبقى الحكم، فيكون نزوله ابتداء لتثبيته في أفئدة المخاطبين، فإذا ما ثبت واستقر، رفع اللفظ، ولله، عز وجل، أن يبتلي عباده بالتصديق والعمل بحكم لفظه منسوخ ليتحقق كمال انقياد المكلفين.

بتصرف من "مذكرة في أصول الفقه"، ص86.

وآية رجم المحصن والمحصنة قد رواها الطيالسي، رحمه الله، في "مسنده" من طريق: أبي داود قال: حدثنا ابن فضالة، عن عاصم، عن زر، قال: قال لي أبي بن كعب: "يا زر كأين تقرأ سورة الأحزاب؟ " قال: قلت: كذا وكذا آية قال: "إن كانت لتضاهي سورة البقرة، وإن كنا لنقرأ فيها: والشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتة نكالا من الله ورسوله، فرفع فيما رفع".

كما ذكر ابن كثير رحمه الله:

رواية الإمام مالك، رحمه الله، في "الموطأ": حدثني ابن شهاب، أخبرنا عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، أن ابن عباس أخبره أن عمر، رضي الله عنه، قام فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد، أيها الناس، فإن الله بعث محمدًا بالحق، وأنزل عليه الكتاب، فكان فيما أنزل عليه آية الرجم، فقرأناها وَوَعَيْناها، وَرَجمَ رسول الله صلى الله عليه وسلم وَرَجمْنا بعده، فأخشى أن يطول بالناس زمان أن يقول قائل: لا نجد آية الرجم في كتاب الله، فيضلوا بترك فريضة قد أنزلها الله، فالرجم في كتاب الله حق على من زنى، إذا أحصن، من الرجال والنساء، إذا قامت البينة، أو الحبل، أو الاعتراف".

ثم علق، رحمه الله، بقوله:

"أخرجاه في الصحيحين من حديث مالك مطولا وهذا قطعة منه، فيها مقصودنا هاهنا". اهـ

ثم سرد أخبارا أخرى، وقال في آخر كلامه:

"وهذه طرق كلها متعددة ودالة على أن آية الرجم كانت مكتوبة فنسخ تلاوتها وبقي حكمها معمولا به ولله الحمد". اهـ

وقد اختلف العلماء في مسألة الجمع بين الجلد والرجم، فذهب الجمهور إلى أن الزاني المحصن لا يجلد، وإنما يكتفي الحاكم برجمه، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمر أنيسا برجم المرأة إذا اعترفت، ولم يأمره بجلدها، ورجم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ماعزا والغامدية، ولم يجلدهما.

وذهب الإمام أحمد، رحمه الله، إلى الجمع بين الجلد والرجم، فيجلد الزاني المحصن بدلالة الكتاب ثم يرجم بدلالة السنة، واستدل بحديث أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، أنه لما أتي بشُرَاحة، (وهي امرأة همدانية)، وكانت قد زنت وهي مُحْصَنَةٌ، فجلدها يوم الخميس، ورجمها يوم الجمعة، ثم قال: "جلدتهُا بكتاب الله، ورجمتها بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم".

وذكر ابن كثير، رحمه الله، أيضا:

رواية الإمام أحمد ومسلم، وأهل السنن الأربعة، من حديث قتادة، عن الحسن، عن حِطَّان بن عبد الله الرَّقَاشِيّ، عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خذوا عني، خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلا البِكْر بالبِكْر، جَلْد مائة وتغريب سنة والثيب بالثيب، جلد مائة والرجم". اهـ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير