تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

قوله: وَيُذْكَرُ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَزُرُّهُ وَلَوْ بِشَوْكَةٍ فِي إِسْنَادِهِ نَظَرٌ. أي: من أراد الصلاة في ثوب واحد فليزره ولو بشوكة لئلا تنكشف عورته.

وقوله: وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ: لَا يَتَطَوَّعُ الْإِمَامُ فِي مَكَانِهِ وَلَمْ يَصِحَّ.

فالحديث ضعيف لا يحتج به، وقد أنكره، أحمد، رحمه الله، وذكره ابن الجوزي، رحمه الله، في "الموضوعات"، وهو معروف بتساهله في الحكم على الأحاديث بالوضع وإن كانت معظم أحكامه صحيحة، وأورد أبو عبيد القاسم بن سلام، رحمه الله، على هذا الحديث أنه خلاف الكتاب والسنة المشهورة، لأن الله، عز وجل، إنما أذن في نكاح المحصنات دون البغايا، وسن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم التفريق بين المتلاعنين، فكيف يأمر بالإقامة على عاهر لا تمتنع ممن أرادها، وقال ابن القيم رحمه الله: "عورض بهذا الحديث المتشابه الأحاديث المحكمة الصريحة في المنع من تزوج البغايا".

بتصرف من "فقه السنة"، حاشية (1/ 63).

وهذا أصل جليل في النظر في أدلة الأحكام سواء أكانت: علمية أم عملية، فلا يترك المحكم لمتشابه، ولا يعارض الصحيح بالضعيف، وإنما يرد المتشابه إلى المحكم، ويقدم الصحيح على الضعيف، وتتبع المتشابه والاستشهاد بالغرائب والمنكرات، ونصرة الأقوال المهجورة سمة أهل البدع والأهواء.

وقد ذكر ابن كثير، رحمه الله، بعض تخريجات أهل العلم لهذا الحديث، إن صح، فمن ذلك:

"قول ابن قتيبة رحمه الله: إنما أراد أنها سخية لا تمنع سائلا. وحكاه النسائي في سننه، عن بعضهم فقال: وقيل: "سخية تعطي ورُدّ هذا بأنه لو كان المراد لقال: لا تَرُدّ يد ملتمس.

وقيل: المراد أن سجيتها لا تَرُدّ يد لامس، لا أن المراد أن هذا واقع منها، وأنها تفعل الفاحشة، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يأذن في مصاحبة من هذه صفتها. فإن زوجها - والحالة هذه - يكون دَيّوثا، وقد تقدم الوعيد على ذلك. ولكن لما كانت سجيتها هكذا ليس فيها ممانعة ولا مخالفة لمن أرادها لو خلا بها أحد، أمره رسولُ صلى الله عليه وسلم بفراقها. فلما ذكر أنه يحبها أباح له البقاء معها، لأن محبته لها محققة، ووقوع الفاحشة منها متوهم فلا يُصَار إلى الضرر العاجل لتوهم الآجل، والله سبحانه وتعالى أعلم". اهـ

فاليقين لا يزول بالشك، كما قرر ذلك أهل العلم، فلا يزول يقين عفتها، وإن كانت غير متحرزة، إلا بيقين وقوعها في الفاحشة، فتصير عشرتها عندئذ محرمة.

فالحاصل: أن دليل الإمام أحمد، رحمه الله، أقوى من أدلة الجمهور، فقوله هو الراجح في هذه المسألة لموافقته النصوص الصحيحة الصريحة.

والله أعلى وأعلم.

يتبع إن شاء الله.

ـ[مهاجر]ــــــــ[05 - 09 - 2008, 02:55 م]ـ

ومع:

قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ):

يقول القرطبي رحمه الله:

"ذكر الله تعالى في الآية النساء من حيث هن أهم، ورميهن بالفاحشة أشنع وأنكى للنفوس. وقذف الرجال داخل في حكم الآية بالمعنى، وإجماع الأمة على ذلك. وهذا نحو نصه على تحريم لحم الخنزير ودخل شحمه وغضاريفه، ونحو ذلك بالمعنى والإجماع. وحكى الزهراوي أن المعنى: والأنفس المحصنات، (فيكون من باب: حذف الموصوف وإقامة الصفة مقامه، كما سيأتي إن شاء الله، في قوله تعالى: "الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ") فهي بلفظها تعم الرجال والنساء، ويدل على ذلك قوله: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ}. [النساء: 24]، (لأن تخصيص النساء بالذكر بعد وصف الإحصان دليل على أنه جنس تندرج تحته أنواع: فتكون نفس الرجل المحصن نوعا، ونفس المرأة المحصنة نوعا ثانيا). وقال قوم: أراد بالمحصنات الفروج كما قال تعالى: {وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا}

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير