تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[الأنبياء: 91] فيدخل فيه فروج الرجال والنساء". اهـ

بتصرف من "الجامع لأحكام القرآن(12/ 143).

فتكون المسألة من باب وقوع الإجماع استنادا إلى قياس، وهي إحدى صور الإجماع الصحيحة، خلافا لداود الظاهري وابن جرير الطبري، رحمهما الله، اللذين منعا استناد الإجماع إلى الاجتهاد أو القياس، فكما حرم شحم الخنزير، بالإجماع، قياسا على لحمه، ألحق الرجل بالمرأة، بالإجماع، في حكم هذه الآية.

بتصرف من "مذكرة في أصول الفقه"، ص188.

ولفظ: "المحصنات": من الألفاظ المشتركة في نصوص الشارع، عز وجل، فتفيد عدة معان على سبيل البدل لا الشمول، كما تقرر في تعريف المشترك اللفظي، فيكون اللفظ مجملا لازدحام المعاني فيه، فلا تتضح دلالته على معنى بعينه إلا بقرينة مرجحة، فالسياق الذي يرد فيه المجمل هو الذي يبين المعنى المراد، فيأتي "الإحصان" بمعنى:

الحرية: كما في قوله تعالى: (إِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ)، فحد الأمة إذا زنت على النصف من حد البكر الحرة إذا زنت: خمسون جلدة، فسياق الآية هو الذي رجح هذا المعنى، ولا يتصور أن يكون المقصود بالإحصان هنا: الزواج، لأن حد الحرة المتزوجة إذا زنت الرجم، والرجم لا يتصور تنصيفه بخلاف الجلد فإن تنصيفه أمر متصور.

و: الزواج: كما في قوله تعالى: (وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ)، فيحرم نكاح المحصنة، إلا إذا وقعت في السبي، فيجوز نكاحها بعد استبراء رحمها، لأن عقد النكاح الأول ينفسخ بسبيها.

و: العفة: كما في هذه الآية، فالعفيفة هي التي يحد قاذفها، فالوصف المشتق: "المحصنات" يدل على حد قاذف المحصنة: دلالة منطوق، ويدل على عدم حد قاذف الفاجرة: دلالة مفهوم.

و: الوطء: كما في قوله تعالى: (مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ)، بدليل إتباعه بضده وهو: السفاح، فعكس السفاح: الوطء في نكاح صحيح.

ويأتي أيضا بمعنى: الإسلام، والبلوغ، والعقل.

بتصرف من "فقه السنة"، حاشية (2/ 264).

ولا مانع من الجمع بين معاني المشترك اللفظي في هذا الموضع، مع أن الراجح خلافه، فالأصل في المشترك اللفظي أنه لا يعم جميع معانيه، لاختلاف ماهيتها، ولكن هنا: قد تجتمع أوصاف: الحرة والزوجة والعفيفة والموطوءة والمسلمة والبالغة والعاقلة في امرأة واحدة دون تعارض بينها.

والقذف عند أهل العلم ينقسم إلى:

قذف صريح: كأن يقول: يا زانية، أو: يا زاني، أو: يا بنت الحرام، أو: يا ابن الحرام .......... إلخ من الألفاظ الصريحة في هذا الباب.

وقذف بالكناية: كأن يقول: لست بزان، معرضا بالمقذوف، فيكون قذفا عند مالك، رحمه الله، ولا يكون كذلك عند أبي حنيفة والشافعي، رحمهما الله، حتى يقول أردت القذف. وللمالكية، رحمهم الله، من التشديد في باب العقوبات والكفارات ما ليس لغيرهم.

وإلى ذلك أشار القرطبي، رحمه الله، بقوله:

"اتفق العلماء على أنه إذا صرح بالزنا كان قذفا ورميا موجبا للحد فإن عرض ولم يصرح فقال مالك: هو قذف. وقال الشافعي وأبو حنيفة: لا يكون قذفا حتى يقول أردت به القذف. والدليل لما قال مالك هو أن موضوع الحد في القذف إنما هو لإزالة المعرة التي أوقعها القاذف بالمقذوف، فإذا حصلت المعرة بالتعرض وجب أن يكون قذفا كالتصريح والمعول على الفهم وقد قال تعالى مخبرا عن شعيب: {إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ} [هود: 87] أي السفيه الضال فعرضوا له بالسب بكلام ظاهر المدح في أحد التأويلات. وقال تعالى في أبي جهل: {ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ} [الدخان: 49]. وقال حكاية عن مريم: {يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً} [مريم: 28]، فمدحوا أباها ونفوا عن أمها البغاء، أي الزنا، وعرضوا لمريم بذلك، ولذلك قال تعالى: {وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَاناً عَظِيماً} [النساء: 156]، وكفرهم معروف، والبهتان العظيم هو التعريض لها، أي ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا، أي أنت بخلافهما وقد أتيت بهذا الولد. وقال تعالى: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير