تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[مهاجر]ــــــــ[07 - 09 - 2008, 07:57 م]ـ

ومع قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (6) وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (7) وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (8) وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ (9) وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ):

هذه الآيات مخصصة لعموم حكم القاذف في الآيات السابقة، فيستثنى من عموم جلد القاذف: من قذف امرأته بالزنا، فيثبت في حقهما: حكم الملاعنة، وقد جعله الأحناف، رحمهم الله، من صور النسخ الجزئي، كمن قال من الشافعية رحمهم الله بنسخ عشر رضعات بخمس معلومات فنسخ جزءا من الحكم وأبقى الآخر، فيصير حكم هذه الصورة بعينها منسوخا بآيات الملاعنة، وعند التحقيق، لا فرق الآن بين: النسخ والتخصيص، من جهة العمل، بعد ثبوت الأحكام الشرعية في حق عموم المكلفين بوفاة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وانقطاع الوحي، فمؤدى القولين واحد، فمن قال بالنسخ فإنه يعمل بحكم الملاعنة وكذا من قال بالتخصيص.

وصورة اللعان كما يقول ابن كثير رحمه الله:

"فيها فَرَج للأزواج وزيادة مخرج، إذا قذف أحدهم زوجته وتعسر عليه إقامة البينة، أن يلاعنها، كما أمر الله عز وجل وهو أن يحضرها إلى الإمام، فيدعي عليها بما رماها به، فيحلفه الحاكم أربع شهادات بالله في مقابلة أربعة شهداء، {إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ} أي: فيما رماها به من الزنا، {وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ} فإذا قال ذلك، بانت منه بنفس هذا اللعان عند الشافعي وطائفة كثيرة من العلماء، وحرمت عليه أبدًا، ويعطيها مهرها، ويتوجه عليها حد الزنا، ولا يدرأ عنها العذاب إلا أن تلاعن، فتشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين، أي: فيما رماها به، {وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} ولهذا قال: {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ} يعني: الحد، {أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْها إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} فخصها بالغضب، كما أن الغالب أن الرجل لا يتجشم فضيحة أهله ورميها بالزنا إلا وهو صادق معذور، وهي تعلم صدقه فيما رماها به. ولهذا كانت الخامسة في حقها أن غضب الله عليها. والمغضوب عليه هو الذي يعلم الحق ثم يحيد عنه". اهـ

فالمغضوب عليهم هم اليهود من جهة كونهم عرفوا الحق فأعرضوا عنه بخلاف من لم يعرفه من النصارى فضل عنه ابتداء، فأشبهت الملاعِنةُ اليهودَ من هذا الوجه.

وقرئ: (أن غَضِب الله عليها)، بتخفيف "أن" فيكون اسمها: ضمير الشأن المحذوف، ويكون ما بعدها: خبرا أريد به الإنشاء، فيؤول المعنى إلى الدعاء بأن يحل عليها غضب الله، عز وجل، إن كان من الصادقين، كما تقول: فلان رحمه الله، قاصدا الدعاء له بالرحمة، فيكون تأويل كلامك: اللهم ارحمه.

ويواصل ابن كثير، رحمه الله، فيقول:

"ثم ذكر تعالى لطفه بخلقه، ورأفته بهم، وشرعه لهم الفرج والمخرج من شدة ما يكون فيه من الضيق، فقال: {وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ} أي: لحرجتم ولشق عليكم كثير من أموركم، {وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ} أي: على عباده - وإن كان ذلك بعد الحلف والأيمان المغلظة - {حَكِيمٌ} فيما يشرعه ويأمر به وفيما ينهى عنه". اهـ

ثم ذكر ابن كثير، رحمه الله، سبب نزول هذه الآية وهو:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير