لا سابغات ولا جأواء باسلة ******* تقي المنون لدى استيفاء آجال
أي: لا دروع سابغات.
وقوله تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ)، أي: عملا صالحا.
وقوله تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ)، أي: وصنف مختلف ألوانه، فحذف الموصوف وأنيب عنه الوصف: "مختلف".
وقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ)، أي: النسوة المؤمنات، فحذف اسم الجمع: "النسوة" الذي يجوز معه تأنيث الفعل أو تذكيره، وناب عنه الوصف: "المؤمنات" فساغ تذكير الفعل معه، في أحد تخريجات هذه الآية.
وعلى كلا القولين فإن براءة عائشة، رضي الله عنها، ثابتة، إما بـ:
دلالة المطابقة في القول الثاني: لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، طيب، فلا يختار الله، عز وجل، له إلا أطيب النساء.
أو بـ: دلالة اللزوم في القول الأول: لأن الله، عز وجل، لا يختار لنبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلا أطيب الكلمات وأشرفها، ولا أخبث من الطعن في عرض الرجل، فإنه يعود عليه بالذم لزوما، فتلحقه معرة السب بالخبيث من القول، وهو أمر نزه الباري، عز وجل، عنه، نبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
وإلى ذلك أشار ابن كثير، رحمه الله، بقوله:
"وهذا - أيضًا -، (أي: القول الثاني: قول عبد الرحمن بن زيد رحمه الله)، يرجع إلى ما قاله أولئك باللازم، أي: ما كان الله ليجعل عائشة زوجة لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وهي طيبة، لأنه أطيب من كل طيب من البشر، ولو كانت خبيثة لما صلحت له، لا شرعا ولا قدرا، ولهذا قال: {أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ} أي: هم بُعَداء عما يقوله أهل الإفك والعدوان، {لَهُمْ مَغْفِرَةٌ} أي: بسبب ما قيل فيهم من الكذب، {وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} أي: عند الله في جنات النعيم. وفيه وعد بأن تكون زوجة النبيّ صلى الله عليه وسلم في الجنة". اهـ
ولهذا ذهب بعض أهل العلم، كابن حزم رحمه الله، إلى أن زوجات النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أفضل الأمة بعده، لأنهن رفيقاته في الجنة، ولا منزلة أعلى من منزلته، وأجيب بأنهن تبع له في المنزلة، فما يكون لهن من الشرف وعلو المنزلة إنما يكون برفقته صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وإن كن شريفات في أنفسهن، بخلاف: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي ......... رضي الله عنهم جميعا، فإن منزلتهم إنما تكون بما ثبت لهم من الخصائص والفضائل التي ترجع إلى شرف صحبتهم له، فهي أعلى من شرف الزوجية.
والله أعلى وأعلم.
يتبع إن شاء الله.
ـ[مهاجر]ــــــــ[24 - 09 - 2008, 07:31 ص]ـ
قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (27) فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (28) لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ):
يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله:
"هذه آداب شرعية، أدّب الله بها عباده المؤمنين، وذلك في الاستئذان أمر الله المؤمنين ألا يدخلوا بيوتًا غير بيوتهم حتى يستأنسوا، أي: يستأذنوا قبل الدخول ويسلموا بعده. وينبغي أن يستأذن ثلاثًا، فإن أذن له، وإلا انصرف، كما ثبت في الصحيح: أن أبا موسى حين استأذن على عمر ثلاثًا، فلم يؤذن له، انصرف. ثم قال عمر: ألم أسمع صوت عبد الله بن قيس يستأذن؟ ائذنوا له. فطلبوه فوجدوه قد ذهب، فلما جاء بعد ذلك قال: ما رَجَعَك؟ قال: إني استأذنت ثلاثًا فلم يؤذن لي، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا استأذن أحدكم ثلاثًا، فلم يؤذن له، فلينصرف". فقال: لَتَأتِيَنَّ على هذا ببينة وإلا أوجعتك ضربًا. فذهب إلى ملأ من الأنصار، فذكر لهم ما قال عمر، فقالوا: لا يشهد لك إلا أصغرنا. فقام معه أبو سعيد الخُدْريّ فأخبر عمر بذلك، فقال:
¥