تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وحديث أبي هريرة ن رضي الله عنه، الآخر، مرفوعا، وهو عند أحمد، رحمه الله، في "مسنده"، وفيه: (إِنَّ لِلَّهِ مِائَةَ رَحْمَةٍ قَسَمَ مِنْهَا رَحْمَةً بَيْنَ جَمِيعِ الْخَلَائِقِ فَبِهَا يَتَرَاحَمُونَ وَبِهَا يَتَعَاطَفُونَ وَبِهَا تَعْطِفُ الْوَحْشُ عَلَى أَوْلَادِهَا وَأَخَّرَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ رَحْمَةً يَرْحَمُ بِهَا عِبَادَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ).

وضابط هذه المسألة أن:

"المضاف إلى الله نوعان فإن المضاف:

إما أن يكون: صفة لا تقوم بنفسها كالعلم والقدرة والكلام والحياة.

وإما أن يكون: عينا قائمة بنفسها.

فالأول: إضافة صفة كـ:

قوله: {وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ}.

وقوله: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ}.

وقوله: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً}.

وقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في الحديث الصحيح حديث الاستخارة: (إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك).

وقوله تعالى: {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً}.

وقوله: {ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ}.

وقوله: {ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ}.

والثاني: إضافة عين كـ:

قوله تعالى: {وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ}.

وقوله: {نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا}.

وقوله: {عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ}.

فالمضاف في الأول: صفة لله قائمة به ليست مخلوقة له بائنة عنه.

والمضاف في الثاني: مملوك لله مخلوق له بائن منه لكنه مفضل مشرف لما خصه الله به من الصفات التي اقتضت إضافته إلى الله تبارك وتعالى كما خص ناقة صالح من بين النوق وكما خص بيته بمكة من بين البيوت وكما خص عباده الصالحين من بين الخلق ومن هذا الباب قوله تعالى: {فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا}.

فإنه وصف هذا الروح بأنه تمثل لها بشرا سويا وأنها استعاذت بالله منه إن كان تقيا وأنه قال: {إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ} ".

بتصرف يسير من "الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح"، لشيخ الإسلام ابن تيمية، رحمه الله، (1/ 359).

قوله تعالى: (مثل نوره):

اختلف في مرجع الضمير في: "نوره" كما أشار إلى ذلك ابن كثير، رحمه الله، بقوله:

"وقوله: {مَثَلُ نُورِهِ} في هذا الضمير قولان:

أحدهما: أنه عائد إلى الله، عز وجل، أي: مثل هداه في قلب المؤمن، قاله ابن عباس {كمشكاة}.

والثاني: أن الضمير عائد إلى المؤمن الذي دل عليه سياق الكلام: تقديره: مثل نور المؤمن الذي في قلبه، كمشكاة. فشبه قلب المؤمن وما هو مفطور عليه من الهدى، وما يتلقاه من القرآن المطابق لما هو مفطور عليه، كما قال تعالى: {أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ} [هود: 17]، فشبه قلب المؤمن في صفائه في نفسه بالقنديل من الزجاج الشفاف الجوهري، وما يستهديه من القرآن والشرع بالزيت الجيد الصافي المشرق المعتدل، الذي لا كدر فيه ولا انحراف". اهـ

فيكون الضمير على القول الثاني: راجعا على غير مذكور صراحة في السياق.

والنور في نصوص الشريعة على ثلاثة معان:

الأول: صفة الله، عز وجل، كما سبقت الإشارة إلى ذلك.

والثاني: الكتاب المنزل، ومنه قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا).

والثالث: الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ومنه قوله تعالى: (قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ).

يقول ابن القيم رحمه الله:

"وسمّاه اللّه، (أي: النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم)، سِراجاً منيراً، وسمى الشمس سراجاً وهاجاً.

والمنير هو الذي ينير من غير إحراق بخلاف الوهاج، فإن فيه نوعَ إحراق وَتَوَهُج".

"زاد المعاد"، (1/ 35).

يقول القرطبي رحمه الله:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير