تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

بدل أو عطف بيان لمجمل الشجرة، فهي شجرة زيتون لا شرقية ولا غربية، فزيتها أجود وأصفى.

يقول ابن جرير الطبري رحمه الله:

"وقال بعضهم: إنما قيل لهذه الشجرة: لا شرقية ولا غربية: أي ليست شرقية وحدها حتى لا تصيبها الشمس إذا غربت، وإنما لها نصيبها من الشمس بالغداة ما دامت بالجانب الذي يلي الشرق، ثم لا يكون لها نصيب منها إذا مالت إلى جانب الغرب، ولا هي غربية وحدها، فتصيبها الشمس بالعشيّ إذا مالت إلى جانب الغرب، ولا تصيبها بالغداة، ولكنها شرقية غربية، تطلع عليه الشمس بالغداة، وتغرب عليها، فيصيبها حرّ الشمس بالغداة والعشيّ، قالوا: إذا كانت كذلك، كان أجود لزيتها". اهـ

وقد بلغ صفاء الزيت حدا يكاد معه يضيء إضاءة ذاتية كما في قوله تعالى: (يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ)، والفعل: كاد يدل على قرب الوقوع، فلا تأتي: "أن" المصدرية في خبره، على الوجه الأشهر، لأن: "أن" المصدرية تمحض الفعل للاستقبال، والخبر، كما تقدم، قريب الوقوع، فقد بلغ الزيت حدا من الصفاء جعله على وشك الاشتعال.

وقوله تعالى: (نُورٌ عَلَى نُورٍ):يقول ابن كثير رحمه الله: "وقوله: {نُورٌ عَلَى نُورٍ} قال العوفي، عن ابن عباس: يعني بذلك إيمان العبد وعمله.

وقال مجاهد، والسدي: يعني نور النار ونور الزيت.

وقال أبي بن كعب: {نُورٌ عَلَى نُورٍ} فهو يتقلب في خمسة من النور، فكلامه نور، وعمله نور، ومدخله نور، ومخرجه نور، ومصيره إلى النور يوم القيامة إلى الجنة". اهـ

وقوله تعالى: (يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ):

أي: هداية التوفيق، كما في حديث عبد الله بن عمرو، رضي الله عنهما، مرفوعا: (إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ خَلْقَهُ ثُمَّ جَعَلَهُمْ فِي ظُلْمَةٍ ثُمَّ أَخَذَ مِنْ نُورِهِ مَا شَاءَ فَأَلْقَاهُ عَلَيْهِمْ فَأَصَابَ النُّورُ مَنْ شَاءَ أَنْ يُصِيبَهُ وَأَخْطَأَ مَنْ شَاءَ فَمَنْ أَصَابَهُ النُّورُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ اهْتَدَى وَمَنْ أَخْطَأَ يَوْمَئِذٍ ضَلَّ فَلِذَلِكَ قُلْتُ جَفَّ الْقَلَمُ بِمَا هُوَ كَائِنٌ).

والحديث عند أحمد، رحمه الله، في مسنده.

وفي قوله تعالى: (وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ):

إظهار في مقام الإضمار، فيصح في غير القرآن: يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ الْأَمْثَالَ، على أن يكون فاعل: "يضرب" ضميرا مستترا تقديره: "هو" راجعا على لفظ الجلالة المتقدم الذكر، وفائدته كما أشار إلى ذلك أبو السعود رحمه الله: (الإيذانِ باختلاف حال ما أُسند إليه تعالى من الهدايةَ الخاصَّةَ وضربِ الأمثالِ الذي هو من قبيلِ الهداية العامَّةِ كما يُفصح عنه تعليقُ الأُولى بمن يشاءُ والثَّانيةِ بالنَّاس كافَّة". اهـ بتصرف يسير.

فالهداية التوقيفية لا تحصل إلا لمن شاء الله هدايته، بخلاف الهداية الإرشادية بضرب الأمثال فهي للناس كافة.

وفي الآية: "تخلص وهو: وجه بلاغي لطيف، أشار إليه الزركشي، رحمه الله، بقوله: "ومن أحسن أمثلته، (أي: التخلص)، قوله تعالى: (الله نور السموات والأرض) الآية فإن فيها خمس تخلصات: وذلك أنه جاء بصفة النور وتمثيله ثم تخلص منه إلى ذكر الزجاجة وصفتها ثم رجع إلى ذكر النور والزيت يستمد منه ثم التخلص منه إلى ذكر الشجرة ثم تخلص من ذكرها إلى صفة الزيت ثم تخلص من صفة الزيت إلى صفة النور وتضاعفه ثم تخلص منه إلى نعم الله بالهدى على من يشاء". اهـ

"البرهان في علوم القرآن"، (1/ 43).

فالتخلص: انتقال بديع بين المعاني لا تكلف فيه، فينتقل ذهن السامع من معنى إلى آخر لعلاقة لطيفة بينهما.

والله أعلى وأعلم.

يتبع إن شاء الله.

ـ[مهاجر]ــــــــ[15 - 11 - 2008, 08:07 ص]ـ

ومع:

قوله تعالى: (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ):

يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير