تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

"وأما النوم في المسجد لمن احتاج إلى ذلك من رجل أو امرأة من الغرباء ومن لا بيت له فجائز، لأن في البخاري: وقال أبو قلابة عن أنس: قدم رهط من عكل على النبي صلى الله عليه وسلم فكانوا في الصفة، وقال عبد الرحمن بن أبي بكر: كان أصحاب الصفة فقراء. وفي الصحيحين عن ابن عمر: أنه كان ينام وهو شاب أعزب لا أهل له في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم. لفظ البخاري: وترجم: [باب نوم المرأة في المسجد] وأدخل حديث عائشة في قصة السوداء التي اتهمها أهلها بالوشاح، قالت عائشة: وكان لها خباء في المسجد أو حفش ... " الحديث. (و: "الحفش": البيت الصغير). ويقال: كان مبيت عطاء بن أبي رباح في المسجد أربعين سنة". اهـ

بتصرف من "الجامع لأحكام القرآن(12/ 230).

وتفرع على هذه المسألة:

مسألة: مكث الجنب والحائض في المسجد:

فالجمهور على منعه، استدلالا بـ:

قوله تعالى: (وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا).

وحديث عائشة، رضي الله عنها، مرفوعا: "وَجِّهُوا هَذِهِ الْبُيُوتَ عَنْ الْمَسْجِدِ فَإِنِّي لَا أُحِلُّ الْمَسْجِدَ لِحَائِضٍ وَلَا جُنُبٍ".

وأجاب المجيزون بأن المقصود من الآية كما يقول البغوي، رحمه الله، في "شرح السنة":

"هم المسافرون تصيبهم الجنابة فيتيممون ويصلون، وقد روي ذلك عن ابن عباس".

وعن زِرّ بن حُبَيش، عن علي رضي الله عنه: {وَلا جُنُبًا إِلا عَابِرِي سَبِيلٍ} قال: لا يقرب الصلاة، إلا أن يكون مسافرا تصيبه الجنابة، فلا يجد الماء فيصلي حتى يجد الماء.

وأما الحديث ففي سنده: جسرة بنت دجاجة:

قال عنها الحافظ، رحمه الله، في "التقريب":

"مقبولة من الثالثة ويقال إن لها إدراكا". اهـ

وقال الذهبي، رحمه الله، في "ميزان الاعتدال ترجمة: 1481:

"جسرة بنت دجاجة:

عن عائشة.

قال البيهقى: فيها نظر.

وقال ابن حبان - فيما نقله أبو العباس البناني: عندها عجائب.

وقال البخاري في تاريخه: عندها عجائب.

وأما أحمد فقال في صاحبها: الأفلت العامري: لا أرى به بأسا.

وقال أحمد العجلى: جسرة تابعية ثقة، فقوله: عندها عجائب ليس بصريح في الجرح، وللأفلت عنها عن عائشة حديث: (لا أحل المسجد لجنب ولا لحائض) ". اهـ

والمقبول لا يحتج بحديثه إلا حيث يتابع، ومدار الحديث على جسرة، رحمها الله، فقد رواه:

الأفلت بن خليفة: كما عند: أبي داود في "سننه و: البيهقي في "السنن الكبرى و: ابن خزيمة في "صحيحه" عنها عن عائشة رضي الله عنها.

ومحدوج الذهلي: كما عند: ابن ماجة في "سننه و: الطبراني في "معجمه الكبير و: البيهقي في "السنن الكبرى" عنها عن أم سلمة رضي الله عنها.

فآل الطريقان إلى طريق واحد لاتحاد مخرجيهما، فلا يحتج بتقوي أحدهما بالآخر.

وأما قول العجلي رحمه الله: "فقوله: عندها عجائب ليس بصريح في الجرح"، فلا يقوى على معارضة بقية أقوال أهل الجرح والتعديل، لاسيما وهو من المتساهلين في التوثيق.

يقول ابن حزم، رحمه الله، في "المحلى": "وقد كان أهل الصفة يبيتون في المسجد بحضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم جماعة كثيرة ولا شك في أن فيهم من يحتلم، فما نهوا قط عن ذلك". اهـ

فلما سكت الوحي عن ذلك، عُلِم جوازه، لأن الوحي لا يقر الأمة على باطل، فصار: السكوت في موضع البيان بيان.

ولم يسأل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الوليدة التي سكنت المسجد: هل بلغت المحيض أم لا، ولم يأمرها بمغادرة المسجد إذا حاضت، فنزل سكوته عن ذلك منزلة الإقرار، و: "ترك الاستفصال في موارد الاحتمال يتنزل منزلة العموم من المقال".

بتصرف من "تمام المنة في فقه الكتاب وصحيح السنة"، كتاب: الطهارة، للشيخ عادل بن يوسف العزازي، ص225.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير