تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[مهاجر]ــــــــ[15 - 12 - 2008, 07:41 ص]ـ

ومع:

قوله تعالى: (وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (45) لَقَدْ أَنْزَلْنَا آَيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ):

"كل": نص في العموم، فالله، عز وجل، خلق كل الدواب من جنس الماء، فـ "من": لبيان الجنس، والمقصود بـ: "الدابة"، هنا: الحقيقة اللغوية وهي: كل ما يدب على الأرض، لا الحقيقة العرفية وهي: ذوات الأربع، لأن تخصيص الآية بذوات الأربع: تخصيص بلا مخصص، يرده سياق العموم الذي ورد فيه اللفظ، فالتفصيل في قوله: (فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ)، يدل على أن المراد: كل الدواب، ما زحف على بطنه، وما سار على اثنتين، وما سار على أربع ............. إلخ، ما دق وما جل، وهذا أمر شهد له العلم الحديث، فغالب الكائنات الحية، وإن كانت دقيقة لا ترى بالعين المجردة، تمتلك أجهزة تناسلية، تنتج ماء مذكرا ومؤنثا، وإن كان بدائيا، يتكون منه الجنين.

وفي قوله تعالى: (فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ):

استعمال: "من" لغير العاقل، وهو خلاف الأصل، وعلة ذلك أن: "من" تستعمل لغير العاقل، إذا اقترن غير العاقل بالعاقل في عموم فصل بـ: "من" الجارة، فالعموم الذي دخلا فيه هو عموم: "كل"، ومن ثم فصل هذا العموم بـ: "من" الجارة إلى غير عاقل: "مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ" و: "وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ"، وعاقل: " وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ"، ومن المستعملة فيما لا يعقل مجاز مرسل، عند من يقول بالمجاز، علاقته المجاورة في هذا الموضع، لأن غير العاقل جاور العاقل في الذكر، فأخذ حكمه.

بتصرف من "شرح ابن عقيل مع حاشية: (منحة الجليل) للشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد رحمه الله"، (1/ 124، 125).

قوله تعالى: (لَقَدْ أَنْزَلْنَا آَيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ):

الآيات هنا هي: الآيات الشرعية، فهي آيات مقرونة بأدلتها التي تبينها، فليست مسائل مجردة، كما ادعى الفلاسفة والنظار، بل أقام الله، عز وجل، عليها الأدلة العقلية الصريحة، فلا تعارض بين النص الصحيح والعقل الصريح، وفي التنزيل: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ)، ففيه: الهدى والبينة عليه، فهو الشاهد والمشهود له وهو الدليل والمدلول عليه، كما يقول ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله.

والله، عز وجل، (يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ): هداية توفيق وإلهام، زلذلك قيدها بالمشيئة الكونية، كما سبقت الإشارة إلى ذلك.

قوله تعالى: (وَيَقُولُونَ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ * وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ):

في الآية: دعوى مجردة، لا دليل عليها سوى قول اللسان، بل الفعل يكذبها، فهم يتولون إذا ما دعوا إلى حكم الله ورسوله، مصداق قوله تعالى: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا)، وهذا حال المنافقين في كل زمان، و:

الدعاوى إذا لم يقيموا ******* عليها بينات فأصحابها أدعياء.

فكيف إذا أقاموا البينة العملية على ضدها، ولذا نفى الله، عز وجل، عنهم الإيمان، لتلبسهم بما يدل على ضده، وأشار إليهم باسم الإشارة: "أولئك" الدال على البعد، تحقيرا لشأنهم، وإعلاما بانحطاط رتبتهم.

قوله تعالى: (وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ):

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير