بالنسبة إلي، تجنست قضاء وقدرا! فما أن تخرجت حتى عينتني الجامعة التي تخرجت منها (وهي غير الجامعة التي أعمل فيها الآن) مساعدا. وبعد أشهر من العمل فيها، لم أتقاض راتبي، فاكتشفت الجامعة أن التعيين كان غير قانوني، ذلك لأن العمل في الجامعات كان وقتها يقتضي أن يكون العامل بلجيكيا (وقد تغير هذا القانون الآن وأصبح بمقدور الأجنبي أن يعمل في أية دائرة رسمية) .. فجنسوني بين ليلة وضحاها استدراكا للخطأ! كان ذلك سنة 1992. وبعد سنة استلمت رسالة تفيد أن علي الالتحاق بخدمة العلم .. فأيقنت بالداهية وفكرت بـ "تشكيل فرار" كما يقول السوريون! إلا أنه، لحسن طالعي، ألغي التجنيد الإجباري في بلجيكا سنة 1993، فحمدت الله الذي ألغى التجنيد الإجباري في بلجيكا، وكفاني مصيبة أنتيكا!
وهكذا مرت الأمور بسرعة دون أن أتمنى شيئا! وفي الحقيقة لم تترك لي الظروف وقتا للتمني، لأن هجرتي كانت من جنس "العدو من ورائكم والبحر من أمامكم" .. لذلك كافحت كفاحا مريرا في العقد الأول من هجرتي، فلقد كنت أعمل وأمول دراستي، ولم يكن لي أنيس إلا الله، ونعم الأنيس. وعانيت كثيرا في أثناء دراستي في اليونان، فربما مر الأسبوع بلا دخل ولا إيدام .. لأن فرصة العمل كانت غير متوفرة، بعكس بلجيكا، إذ كان يكفي عمل يومين في الأسبوع لتمويل السكن والمأكل ومصاريف الدراسة .. وكانت الأمور الأخرى ميسرة دائما بحمد الله. ومن فضل الله علي أني لم أترشح ــ بعد تخرجي ــ ولا مرة واحدة ـ لوظيفة من الوظائف التي مارستها، بل كنت استقطب إليها استقطابا، وبشروط أضعها أنا. وقد استقطبتني الجامعة للتدريس وسلمتني رئاسة القسم لخبرتي في الترجمة، وهي الخبرة التي اكتسبتها في شركة ترجمة دولية أنشأتها وطورتها وعملت فيها عشر سنوات وبعتها قبل عامين من الآن لشريكي فيها وتفرغت كليا للتدريس والترجمة والبحث العلمي (أدرّس بنسبة 40 بالمائة وأشتغل في البحث العلمي بنسبة 50 بالمائة وأنسق مشاريع جامعية بنسبة 10 بالمائة).
وقد لا أبالغ إذا قلت إني لم ألتقط أنفاسي إلا قبل عامين من الآن .. فكأن الزمان لم يترك لي فرصة اختيار شيء، وقد قلت إني كنت في جميع أمري مسيرا لا مخيرا، ولا اعتراض على حكم الله.
آنسك الله في علاه.
ـ[عبدالعزيز بن حمد العمار]ــــــــ[21 - 09 - 2008, 06:28 ص]ـ
أسأل الله أن يحفظك، ويحقق مناك، وأن يجعلك تعيش هانئًا سعيدًا بأولادك وصحتك.
وأتعبناك في كثرة الأسئلة (ابتسامة).
ـ[مسعود]ــــــــ[21 - 09 - 2008, 06:33 ص]ـ
دكتور عبد الرحمن،
حديث شيّق جدا.
وفّقك الله وأعانك وحفظك.
لي عودة إن شاء الله.
:)
ـ[فصيحويه من جديد]ــــــــ[21 - 09 - 2008, 07:37 ص]ـ
اسمح لي أستاذي الفاضل بهذا السؤال:
بما أنك متخصص في الترجمة، فما أفضل ترجمة لمعاني القرآن الكريم باللغة الإنجليزية؟
متعك الله بالصحة والعافية على طاعته.
ـ[د. عليّ الحارثي]ــــــــ[21 - 09 - 2008, 12:13 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته, وبعد؛
فالفكرة بديعةٌ؛ فشكرًا لأخي الكريم الدكتور عبد الرحمن السليمان أنْ بدأها تطبيقًا في حديثه عن فقراء المغرب ... ,بأسلوبه الجميل, وشكرًا للأخ ضاد الذي جعلها فكرةً عامّة تستنطق المهاجرين ما في تجاربهم من بدائع الأفكار, و غرائب الأحداث!
وأُحبُّ أن يحدثنا أخونا الحبيب الدكتور عبد الرحمن عن التقارير التي تتحدث عن إقبال الأوربيين على الدخول في الإسلام في العقد الأخير خاصّة ـ إنْ لم يسبق تناول شيءٍ من ذلك فإنّي لم أقرأ كلَّ ما كُتب في هذه النافذة؛ و يتحدثون عن شيوع ذلك على نحوٍ خاصّ في ألمانيا و فرنسا وإيطاليا وبريطانيا, و ربما ذكروا بلجيكا و غيرها, وهو بخلاف ما يظنّه كثيرٌ من النّاس من نفور الأوربيين عن الدين الإسلاميّ!
مع خالص شكري وتقديري لشخصك الكريم د. عبد الرحمن!
ـ[نعيم الحداوي]ــــــــ[21 - 09 - 2008, 07:56 م]ـ
دكتورنا الحبيب
متعك الله بالصحة والعافية فقد اطلعتنا على جوانب مضيئة من حياتك جعلها الله مشرقة بنورالإيمان
قرأت لك في إحدى المشاركات أنك تنوي تعليق عصا الترحال ولم تحدد البلد
فهل تحدثنا عنه ولماذا تخيرته عن غيره؟
ولماذا العداء العالمي على الإسلام هل نحن السبب؟
دمت والجميع في رعاية الله
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[21 - 09 - 2008, 10:12 م]ـ
السلام عليك ورحمة الله وبركاته ...
شكر الله لكما صاحب الفكرة و ضيفها ....
دكتورنا الفاضل حديثك شيّق و ذو شجون ... أعانكم الله و سدّد خطاكم لكل خير ...
سؤالي هو:
ما التخصصات الأكثر طلباً التي يمكن لدارس العربية أن يلتحق بها في أوروبا عموما و روسيا خصوصاً. بحيث ثلقى هذه التخصصات رواجاً في سوق العمل؟ ... أعني الطالب العربي الذي أكمل مرحلة البكالوريس -تخصص لغة عربية- و أراد مواصلة الماجستير ...
ـ[عبدالرحمن السليمان]ــــــــ[21 - 09 - 2008, 10:26 م]ـ
أسأل الله أن يحفظك، ويحقق مناك، وأن يجعلك تعيش هانئًا سعيدًا بأولادك وصحتك.
وأتعبناك في كثرة الأسئلة (ابتسامة).
جعل لك من الدعاء نصيبا أخي الحبيب. وتعب الحبيب زبيب كما يقول المثل النادر:)
¥