تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وما ذلك إلا محاولة يائسة منهم لوقف المد الإسلامي النامي في صفوفهم حتى صرح أحد رؤوسهم بأن مصر ستصير بلدا إسلاميا خالصا بعد 50 سنة إن لم يتوقف هذا الزحف المبارك، وأرقام من دخل في الإسلام من النصارى في مقابل من ارتد من المسلمين إلى النصرانية خير شاهد على ذلك فلا وجه للمقارنة أصلا بين عدد تخطى المليون خلال السنوات الماضية، ونحو 3000 مسلم، يرجع كثير منهم عن ردته بعد أن يفيق من سكرة جواز السفر وفرصة الهجرة إلى الجنة الموهومة والوظيفة والمسكن .......... إلخ من الإغراءات المادية التي تخاطب الأجساد إذ لا سلطان لها على القلوب والعقول، وما حالهم في إنفاق تلك الأموال الطائلة إلا مصداق قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ).

وإن الناظر في ذلك ليجزم يقينا بحفظ الله، عز وجل، لهذا الدين، فلو وكل لأمثالنا، لضاع من زمن بعيد، فما بذلنا جزءا من ألف جزء مما يبذله القوم لنصرة باطلهم، ويأبى الله، عز وجل، إلا أن يظهر دينه ولو كره الكافرون. ولا يعني ذلك القعود عن نصرة الدين فإن تلك أعظم المصائب، فالدين ظاهر لا محالة بنا أو بغيرنا، فلن يعجز الباري، عز وجل، عن استبدالنا بقوم آخرين إن لم نبذل في سبيل نصرته من أموالنا، وأوقاتنا، ودماءنا في أرض الجهاد كالعراق وفلسطين والقفقاز وبلاد الأفغان، فلكل دوره، ولكل جهاده، فمن باذل دمه، ومن باذل ماله في تثبيت أهل الحق بالإنفاق على الأسر الفقيرة التي صارت محط أنظار القوم وعلى إخواننا الذين ينضمون يوما بعد يوم إلى صفوفنا، ولسان حالهم قول صهيب رضي الله عنه: (إن شئتم دللتكم على مالي وقُنْيتي وخلَّيتم سبيلي)، ومن باذل وقته في طلب العلم الشرعي الصحيح ونشره بين الناس بالحكمة والموعظة الحسنة، وهو أفتك الأسلحة في هذه المعركة العقدية الشرسة، فبه تصان قواعد الملة وترد شبهات المبطلين، فهو أعظم نافلة في هذه الآونة، بل إنه قد يصل إلى درجة الوجوب العيني على من فرغه الله، عز وجل، لطلبه، فأصح بدنه ووسع رزقه، ورزقه أسباب الحفظ والفهم، فلكل دوره، كما تقدم.

يقول النووي رحمه الله في معرض بيان حال الطائفة المنصورة: "وَيَحْتَمِل أَنَّ هَذِهِ الطَّائِفَة مُفَرَّقَة بَيْن أَنْوَاع الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُمْ شُجْعَان مُقَاتِلُونَ، وَمِنْهُمْ فُقَهَاء، وَمِنْهُمْ مُحَدِّثُونَ، وَمِنْهُمْ زُهَّاد وَآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَنَاهُونَ عَنْ الْمُنْكَر، وَمِنْهُمْ أَهْل أَنْوَاع أُخْرَى مِنْ الْخَيْر، وَلَا يَلْزَم أَنْ يَكُونُوا مُجْتَمَعِينَ بَلْ قَدْ يَكُونُونَ مُتَفَرِّقِينَ فِي أَقْطَار الْأَرْض". اهـ

ويقول ابن حجر رحمه الله: "يَجُوز أَنْ تَكُون الطَّائِفَة جَمَاعَة مُتَعَدِّدَة مِنْ أَنْوَاع الْمُؤْمِنِينَ. مَا بَيْن شُجَاع وَبَصِير بِالْحَرْبِ وَفَقِيه وَمُحَدِّث وَمُفَسِّر وَقَائِم بِالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَنْ الْمُنْكَر وَزَاهِد وَعَابِد، وَلَا يَلْزَم أَنْ يَكُونُوا مُجْتَمَعِينَ فِي بَلَد وَاحِد". اهـ

وتلك معركة لا يخوض غمارها إلا قوم على شاكلة أبي فراس، فلسان حالهم:

ونحن أناسٌ لا توسطَ بيننا ******* لنا الصدرُ دون العالمين أو القبر

قوم يقوم نهارهم ويسهر ليلهم في طلب الحق، فـ:

وإذا كانت النفوس كباراً ******* تعبت في مرادها الأجسام

وأي نفس أكبر: (مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ).

و:

إذا غامَرْتَ في شَرَفٍ مَرُومِ ******* فَلا تَقنَعْ بما دونَ النّجومِ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير