تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

قال قتادة: إفسادهم في المرة الأولى، ما خالفوا من أحكام التوراة وركبوا المحارم، وقال ابن إسحاق: إفسادهم في المرة الأولى قتل إشعياء في الشجرة وارتكابهم المعاصي، (بعثنا عليكم عبادا لنا)، قال قتادة: يعني جالوت الجزري وجنوده، وهو الذي قتله داود، وقال سعيد بن جبير: يعني سنحاريب من أهل نينوى، وقال ابن إسحاق: بختنصر البابلي وأصحابه، وهو الأظهر، (فإذا جاء وعد الآخرة) وذلك قصدهم قتل عيسى عليه السلام، حين رفع، وقتلهم يحيى بن زكريا عليهما السلام، فسلط عليهم الفرس والروم خردوش وطيطوس، حتى قتلوهم وسبوهم ونفوهم عن ديارهم.

من تفسير الشوكاني:

والمرة الأولى، قتل شعياء، أو حبس أرمياء، أو مخالفة أحكام التوراة، والثانية قتل يحيى بن زكريا، والعزم على قتل عيسى، (عبادا لنا) قيل هو بختنصر وجنوده، وقيل جالوت، وقيل جند من فارس، وقيل جند من بابل، والمرة الآخرة، هى قتلهم يحيى ابن زكريا، (وإن عدتم) قال أهل السير، ثم إنهم عادوا إلى ما لا ينبغي، وهو تكذيب محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وكتمان ما ورد من بعثه فى التوراة والإنجيل، فعاد الله إلى عقوبتهم على أيدي العرب، فجرى على بني قريظة والنضير وبني قينقاع وخيبر، ما جرى من القتل والسبي، والإجلاء وضرب الجزية، على من بقي منهم، وضرب الذلة والمسكنة.

من تفسير الألوسي:

واختلف في تعيين هؤلاء العباد في إفسادهم الأول، فعن ابن عباس وقتادة، هم جالوت الجزري وجنوده، وقال ابن جبير وابن إسحاق هم سنحاريب ملك بابل وجنوده، وقيل هم العمالقة، وفي الأعلام للسهيلي، هم بختنصر عامل لهراسف، أحد ملوك الفرس الكيانية، على بابل والروم وجنوده، بعثوا عليهم حين كذبوا أرميا وجرحوه وحبسوه، قيل وهو الحق.

واختلف في تعيين هؤلاء العباد المبعوثين، بعد أن ذكروا قتل يحيى عليه السلام في إفسادهم الأخير، فقال غير واحد إنهم بختنصر وجنوده، وتعقبه السهيلي وقال بأنه لا يصح، لأن قتل يحيى بعد رفع عيسى عليهما السلام، وبختنصر كان قبل عيسى عليه السلام بزمن طويل، وقيل الاسكندر وجنوده، وتعقبه أيضا وقال: بأن بين الاسكندر وعيسى عليه السلام نحوا من ثلاثمائة سنة، ثم قال لكنه إذا قيل إن إفسادهم في المرة الأخيرة بقتل شعيا، جاز أن يكون المبعوث عليهم بختنصر ومن معه، لأنه كان حينئذ حيا، والذي ذهب إليه اليهود، أن المبعوث أولا بختنصر، وكان في زمن آرميا عليه السلام، وقد أنذرهم مجيئه صريحا، بعد أن نهاهم عن الفساد وعبادة الأصنام، كما نطق به كتابه، فحبسوه في بئر وجرحوه، وكان تخريبه لبيت المقدس، في السنة التاسعة عشر من حكمه، وبين ذلك وهبوط آدم ثلاثة آلاف وثلثمائة وثماني وثلاثين سنة، وبقي خرابا سبعين سنة، ثم إن أسبيانوس قيصر الروم، وجّه وزيره طيطوس إلى خرابه، فخربه سنة ثلاثة آلاف وثمانمائة وثمانية وعشرين، فيكون بين البعثين عندهم أربعمائة وتسعون سنة، وتفصيل الكلام في ذلك في كتبهم، والله تعالى أعلم بحقيقة الحال.

وقال الألوسي: " ونعم ما قيل إن معرفة الأقوام المبعوثين، بأعيانهم وتاريخ البعث ونحوه، مما لا يتعلق به كبير غرض، إذ المقصود أنه لما كثرت معاصيهم، سلط الله تعالى عليهم من ينتقم منهم مرة بعد أخرى، وظاهر الآيات يقتضي اتحاد المبعوثين أولا وثانيا "

ونقول: نتفق مع الألوسي في بعض ما ذهب إليه، ونختلف معه في التقليل من شأن المبعوثين، التي ما أخبر بها سبحانه، في كتابه العزيز إلّا لكبير غرض، وهو إثبات أن هذا القران من لدن علّام الغيوب، لمن هم في شك يلعبون من المسلمين وغيرهم، فهذه النبوءة تحكي واقعا نعاصره الآن، بكل تفاصيله (وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا) ومعرفة وتحديد المرتين، أمر في غاية الأهمية. مع أن عبارته الأخيرة – رحمه الله - في النص السابق، التي أكد فيها " اتحاد المبعوثين أولا وثانيا "، وهو المفسّر الوحيد من القدماء، الذي أشار صراحة إلى هذا الأمر، أعطتني دفعة كبيرة للمضي قدما في هذا البحث، حيث كنت قد تتبعت الضمائر الواردة في الآيات، وتأكدت من هذا الأمر في بداية البحث، فقد أيّدت هذه العبارة، جانبا من الأفكار التي كنت أحملها، فيما يتعلق بهذه النبوءة، بعدما تبيّن

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير