تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد يمتنع المحدث من إجابة الاستدعاء، أي لا يجيز عليه، لسبب ما؛ قال السخاوي في (الضوء اللامع) (1/ 42) في ترجمة إبراهيم بن سعد بن إبراهيم الحضرمي: (وتوسع لأناس ليسوا في عداد الرواية بالنسبة لهذا الزمان، بحيث أحضر لي استدعاءً عليه خطوط من لم أعرفه، فأبيت الكتابة عليه).

وذكر ابن السبكي في (طبقات الشافعية الكبرى) (10/ 406 - 407) جملة من أسئلة سُئلها الإمام المزي رحمه الله، والسائل هو قطب الدين الحلبي، كتب بها إليه من مصر، وفيها ما نصه: (وفيما إذا طلب من شخص أن يجيز لجماعة كتبوا في استدعاء وهو أحدهم كيف يكتب؟ هل يطلق الإجازة على العادة أم يقيّدها بما يخرج نفسه منهم؟)؛ فكان جوابه، كما في (10/ 408):

(وأما الكتابة في الإجازة فإن كتب على العادة كفى لأن العموم يجوز تخصيصه بالقرينة وهي موجودة هنا؛ وإن قيد العبارة بحيث أخرج نفسه من المجاز لهم فهو أولى).

9

عنوان الاستدعاء وشهرته

العلماء كثيراً ما يقيدون الإجازة عند ذكرها - إذا كانت فرعاً عن استدعاءٍ - بذكر صاحب الاستدعاء، أي العالم الذي كتبه، فيكثر في التراجم وكتبها نحو قولهم: (أجاز له باستدعاءِ فلانٍ: فلانٌ وفلانٌ)، ثم يسردهم المترجِم، فهم حريصون على ذكر صاحب الاستدعاء؛ وذلك كقول السخاوي في (الضوء اللامع) (1/ 216) في بعض تراجم كتابه: (أحمد بن أبي بكر بن محمد بن علي بن أحمد بن داود الحسيني المقدسي الشافعي الآتي أبوه، ويعرف - كهو - بابن أبي الوفاء، أخو أبي الوفاء محمد الآتي، وأجاز له جماعة باستدعاء ابن أبي شريف؛ وبلغني أنه توفي بالروم قريب الثمانين بعد أن تحنَّف).

وكثير من الاستدعاءات عرفت بإضافتها إلى كاتبها، مثل استدعاء ابن فهد، أو إلى المستدعى له إذا كان لكاتب الاستدعاء أكثر من استدعاء، مثل (ابن حجر في استدعاء الولد).

10

تاريخ الاستدعاء

الاستدعاء يؤرخ عادةً، وذلك مهم ونافع؛ وقد كانت تواريخ الاستدعاءات من جملة موارد المؤرخين المهمة، فتراهم يذكرون في ترجمة بعض الأعلام أنه كان حياً في سنة كذا بدليل أنه وُجد اسمه مكتوب في استدعاء مؤرخ بتلك السنة.

والتراجميون يبينون في أحيان كثيرة تاريخ الاستدعاء عند ذكر الإجازة به؛ كقول بعضهم: (وأجاز له الذهبي ومن كان في ذلك العصر في استدعاء كُتب فيه اسمه سنة سبع وأربعين).

والأصل في ذكر التراجميين تاريخ الاستدعاء أن يريدوا به تاريخ كتابته لا تاريخ كتابة الإجازة عليه، فهذا ظاهر عباراتهم وتصرفاتهم، ثم إنه يبعد في كثير من الأحيان أن يكون المراد تاريخ الإجازة، لأن المجيز قد يكون متعدداً، كما تقدم، وقد تكون أوقات إجازاتهم متباعدة، بل قد يكونون من بلاد متفرقة؛ وهذا يبين العلة في كون التراجميين يغلب عليهم عند ذكر تاريخ الاستدعاء أن يقتصروا على ذكر العام دون الشهر واليوم، إلا لحاجة تقتضي ذكر ذلك التفصيل إن وُجد.

11

ذكر بعض فوائد الاستدعاءات

إن الاستدعاءات التي وقف عليها علماء التراجم المتأخرون كانت مادة طيبة لهم ومصدراً مهماً من مصادرهم في جمع وتدوين كتبهم التي ألفوها في هذا الباب سواء كانت كتب تراجم أو مشيخات، أو برامج أو فهارس، ككتاب السيوطي (المنجم في المعجم) وكتاب السخاوي (الضوء اللامع).

قال السيوطي في ترجمة نجم الدين بن فهد المكي (2) من (المنجم في المعجم) (ص161 - 162): (وكثير مما في معجمي هذا من فوائده، خصوصاً تراجم المكيين، فإني سألته أن يكتب لي تراجم من أجاز لي من أهل مكة، فكتبها لي بخطه في كراستين، فلخصتها هنا.

ورأيت له مجلداً فيه تراجم جماعة من المصريين والشاميين فلخصت منه هنا كثيراً.

والباقي لخصته من مجاميع الشيخ كمال الدين الشُّمُنّي والد شيخنا الإمام تقي الدين، أعارنيها الشيخ لأجل ذلك، ومن مجموع من مجاميع الشيخ المحدث المفيد زين الدين رضوان، فيه أثبات واستدعاءات، ومجموع آخر بخط البدراني.

وضممت إلى ذلك أشياء أخر رأيتها متفرقة في طباق على ظهور الأجزاء وأثبات واستدعاءات ونحو ذلك.

قلت ذلك أداءً لأمانة العلم، فإن الأئمة حضّوا على ذلك وقالوا: بركة العلم عزوه إلى قائله). انتهى كلام السيوطي.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير