تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال مصحح دائرة المعارف العثمانية الحبيب عبد الله بن أحمد العلوي في مقدمة طبعة (أمالي اليزيدي) (ص يا – يب): (الأمالي جمع أملية، كالأغاني جمع أغنية والأحاجي جمع أحجية والأداحي جمع أدحية وغير ذلك مما جاء على هذه الوتيرة؛ قال في "أقرب الموارد" (م ل و): "والأمالي: الأقوال والملخصات وما يُملى، وكأنه جمع أملية، كالأحجية والأحاجي" اهـ)؛ ثم نقل ما سبق نقله من كلام ملا جلبي في "كشف الظنون"؛ ثم قال عقب ذلك:

(وقد ساق الجملة الأولى البستاني في "دائرة المعارف" (ج4 ص352)، ثم قال: "هكذا حدَّه بعض علماء العربية؛ وأما الآن فهو أن يتكلم المعلم في المدرسة أو يقرأ شيئاً من كتاب فيكتبه التلامذة، إما لجمع بعض قواعد، أو لتعليمهم ضبط الكتابة والتهجية؛ وقد صار الآن في المدارس فرعاً من فروع التعليم" اهـ.

فعُلم من ذلك أن الأمالي اسمٌ لكل ما يُملى في أي فن كان له من الفنون.

واسترواح ملا جلبي ومن تبعه في جمع الإملاء على الأمالي إلى قوله "ويسمونه الإملاء والأمالي" غير كافٍ حتى يثبتوا ذلك بالسماع فإنه هو الحجة، قال الفيومي في "المصباح المنير" (قصد): "ولا يطرد جمع المصدر، ألا تراهم لا يقولون في "قتل" و "سلب" و "نهب": قتول وسلوب ونهوب، فدل كلامهم على أن جمع المصدر موقوف على السماع، فإن سُمع عللوا باختلاف الأنواع، وإن لم يُسمع عللوا بأنه باقٍ على مصدريته" اهـ). انتهى.

وقال الخطيب في (الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع) (2/ 111) في (باب إملاء الحديث وعقد المجلس له):

(يستحب عقد المجالس لإملاء الحديث، لأن ذلك أعلى مراتب الراوين، ومن أحسن مذاهب المحدثين مع ما فيه من جمال الدين والاقتداء بسنن السلف الصالحين ----).

وقال السخاوي في (فتح المغيث) (3/ 249 - 250): (ومن فوائده اعتناء الراوي بطرق الحديث وشواهده ومتابعه وعاضده، بحيث بها يتقوى، ويثبت لأجلها حكمه بالصحة أو غيرها، ولا يتروّى [كذا]؛ ويُرتّب عليها إظهار الخفي من العلل، ويهذب اللفظ من الخطأ والزلل، ويتضح ما لعله يكون غامضاً في بعض الروايات، ويفصح بتعيين ما أُبهم أو أُهمل أو أدرج، فيصير من الجليات، وحرصه على ضبط غريب المتن والسند، وفحصه عن المعاني التي فيها نشاط النفس بأتم مستنَد، وبعد السماع فيها عن الخطأ والتصحيف، الذي قلَّ أن يعرى عنه لبيب أو حصيف، وزيادة التفهم والتفهيم لكل من حضر، من أجل تكرر المراجعة في تضاعيف الإملاء والكتابة والمقابلة على الوجه المعتبر، وحوز فضيلتي التبليغ والكتابة، والفوز بغير ذلك من الفوائد المستطابة، كما قرَّره الرافعي وبيّنه، ونشَره وعيّنه.

يقال: أمليت الكتاب إملاء، وأمللت إملالاً، جاء القرآن بهما جميعاً قال تعالى: {فليملل وليه}، فهذا من "أملَّ "، وقال تعالى: {فهي تملى عليه}، فهذا من "أملى"؛ فيجوز أن تكون اللغتان بمعنى واحد، ويجوز أن يكون أصل أمليت "أمللت"، فاستثقل الجمع بين حرفين في لفظ واحد فأبدلوا من أحدهما ياء، كما قالوا: تظنيت، يعني حيث أبدلوا من إحدى النونين ياء، فقالوا: التظني، وهو إعمال الظن.

وكأنه من قولهم "أملى اللهُ له"، أي أطال عمره، فمعنى أمليت الكتاب على فلان: أطلْتُ قراءتي عليه، قاله النحاس في "صناعة الكتاب"؛ وهو طريقة مسلوكة في القديم والحديث لا يقوم به إلا أهل المعرفة)؛ انتهى.

وربما كان الشيخ المملي غير متمكن من تخريج أحاديثه التي يمليها، إما لضعفه في التخريج، وإما لاشتغاله بأعمال تُهمه، كالافتاء أو التأليف، فيستعين حينئذ في ذلك بمن يثق به من العلماء الحفاظ، فيكمل له من أصوله - أي أصول الشيخ - أو مصنفاته تخريجَ الأحاديث التي يريد إملاءها قبل يوم مجلسه.

وكان كثير من المملين يتخذون مستملياً أو عدداً من المستملين من أجل إسماع الحاضرين، حيث يتعذر بسبب كثرتهم سماع جميعهم من المملي نفسه أي بغير من يبلغهم عنه؛ وانظر (المستملي).

هذا وإن مجالس الإملاء كانت في الغالب مجالس رواية عامة، لا تختص بطلبة الحديث، ولذلك وغيره كان لهم في مجالس الإملاء جملة من الآداب المرعيّة والعادات الموروثة التي ينبغي أن يُعنى بها الشيخ المملي، أي صاحب مجلس الإملاء، وقد ذكرها غير واحد من علماء الحديث كان من أوائلهم الخطيب البغدادي في (الجامع)؛ وإليك أهم ما ذكروه في هذا الباب:

1 - أن يختار الأحاديث المناسبة لمجالس الإملاء، فإنها - كما تقدم - مجالس عامة، فإنَّ فيها من لا يفقه كثيراً من العلم.

2 - أن يحدثهم بأحاديث الزهد والرقاق ومكارم الأخلاق ونحوها.

3 - أن يجتنب من الأحاديث ما لا تحتمله عقولهم وما لا يفهمونه وأحاديث الرخص والإسرائيليات وما شجر بين الصحابة من الخلاف، لئلا يكون ذلك فتنة للناس؛ وأن يجتنب الرواية عن كذاب أو فاسق أو مبتدع.

4 - أن يختار من الأحاديث ما علا سنده وقصر متنه، ويتحرى المستفاد منه.

5 - أن ينبه على صحة الحديث أو حسنه أو ضعفه أو علته إن كان معلولاً، وعلى ما فيه من علو وجلالة في الإسناد وفائدة في المتن أو السند كتقديم تاريخ سماعه وانفراده عن شيخه وكونه لا يوجد إلا عنده.

6 - أن يبين ضبط ما يُشكِل من الأسماء الواردة في السند أو المتن، وكذلك الألفاظ الغربية، يضبطها ويبين معناها، وأيضاً المعاني الغريبة والمستشكَلة الواردة في المتن يشرحها ويحل إشكالها.

قالوا: ويستحب له أن يجمع في إملائه الرواية عن جماعة من شيوخه - ولا يقتصر على شيخ واحد - مقدِّماً أرجحهم بعلو سنده أو غيره، ولا يروي إلا عن المقبولين من شيوخه.

وكان من عادة كثير منهم أن يختم مجلس الإملاء بشيء من طُرَف الأشعار وحكايات ونوادر وإنشادات بأسانيدها، وأولاها عند أكثرهم ما كان في أبواب الزهد والآداب ومكارم الأخلاق

المصدر: لسان المحدثين/ الجزء الثاني

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير