القسم الثالث من أقسام طرق نقل الحديث وتحمله: الإجازة؛ وهي متنوعة أنواعاً----.
القسم الرابع من أقسام طرق تحمل الحديث وتلقيه: المناولة، وهي على نوعين:
أحدهما المناولة المقرونة بالإجازة، وهي أعلى أنواع الإجازة على الإطلاق، ولها صور، منها: أن يدفع الشيخ إلى الطالب أصل سماعه أو فرعاً مقابلاً به، ويقول: "هذا سماعي - أو روايتي - عن فلان، فاروه عني"، أو: "أجزت لك روايته عني" ثم يملّكه إياه، أو يقول: "خذه انسخْه، وقابل به، ثم رده إليّ"، أو نحو هذا.
ومنها: أن يجيء الطالب إلى الشيخ بكتاب أو جزء من حديثه، فيعرضه عليه، فيتأمله الشيخ، وهو عارف متيقظ، ثم يعيده إليه ويقول له: "وقفت على ما فيه، وهو حديثي عن فلان، أو: روايتي عن شيوخي فيه، فاروه عني، أو: أجزت لك روايته عني "؛ وهذا قد سماه غير واحد من أئمة الحديث عرضاً؛ وقد سبقت حكايتنا في القراءة على الشيخ أنها تسمى عرضاً، فلنسم ذلك "عرض القراءة" وهذا "عرض المناولة"؛ والله أعلم----.
الثاني: المناولة المجردة عن الإجازة، بأن يناوله الكتاب كما تقدم ذكره أولاً، ويقتصر على قوله "هذا من حديثي، أو: من سماعاتي" ولا يقول: "اروه عني، أو: أجزت لك روايته عني" ونحو ذلك.
فهذه مناولة مختلة، لا تجوز الرواية بها، وعابها غير واحد من الفقهاء والأصوليين على المحدثين الذين أجازوها وسوغوا الرواية بها----.
القسم الخامس من أقسام طرق نقل الحديث وتَلَقّيه: المكاتبة، وهي أن يكتب الشيخ إلى الطالب وهو غائب شيئاً من حديثه بخطه، أو يكتب له ذلك وهو حاضر؛ ويلتحق بذلك ما إذا أمر غيره بأن يكتب له ذلك عنه إليه.
وهذا القسم ينقسم أيضاً إلى نوعين:
أحدهما: أن تتجرد المكاتبة عن الإجازة.
والثاني: أن تقترن بالإجازة بأن يكتب إليه ويقول: "أجزت لك ما كتبتُه لك، أو: ما كتبت به إليك"، أو نحو ذلك من عبارات الإجازة ----.
القسم السادس من أقسام الأخذ ووجوه النقل: إعلام الراوي للطالب بأن هذا الحديث أو هذا الكتاب سماعه من فلان، أو روايته، مقتصراً على ذلك، من غير أن يقول: "اروه عني أو أذنت لك في روايته"، أو نحو ذلك؛ فهذا عند كثيرين طريق مجوز لرواية ذلك عنه ونقله----؛ والمختار ما ذُكر عن غير واحد من المحدثين وغيرهم من أنه لا تجوز الرواية بذلك----.
القسم السابع من أقسام الأخذ والتحمل: الوصية بالكتب ----.
القسم الثامن: الوجادة----). انتهى باختصار شديد مشار إليه بالخطوط المقطعة.
المصدر: لسان المحدثين/ الجزء الثاني
ـ[عبد اللطيف الحسيني]ــــــــ[09 - 02 - 08, 02:03 ص]ـ
311. التدبيج:
إذا روى أحد قرينَين ولنفرضْه زيداً عن الآخر منهما ولنفرضه عمراً وُصفت تلك الرواية بأنها رواية أقران؛ فإذا عاد الثاني وهو عمرو فروى رواية أخرى عن الأول وهو زيد فهنا يقال: تدبَّج زيد مع عمرو؛ وهذا هو النوع المُدَبَّجُ.
وأول من سماه بذلك هو الإمام الدارقطني، ولم يقيده بكونهما قرينين، بل ظاهر كلامه أن كل اثنين روى كل واحد منهما عن الآخر يقال لهما: تدبج فلان مع فلان؛ وإن كان أحدهما أكبر من صاحبه.
وما كان يحسن ممن جاء بعده أن يخالفه في هذا الاصطلاح الذي ابتكره، ولكن أبى المتأخرون إلا المخالفة لصاحب الاصطلاح نفسه – وما أكثر ما يفعلونه من مثل ذلك - واحتجوا بما لا عذر لهم فيه فقال قائلهم: (لو روى الشيخ عن تلميذه فهل يسمى مدبجاً؟ فيه بحث، والظاهر: لا، لأنه من رواية الأكابر عن الأصاغر، والتدبيج مأخوذ من ديباجتي الوجه فيقتضي أن يكون مستوياً من الجانبين).
قال النووي في (تقريبه) والسيوطي في (شرحه) (2/ 246 - 248):
(---- (النوع الثاني والأربعون المدبج ورواية القرين) عن القرين؛ ومن فوائد هذا النوع: أن لا يظن الزيادة في الإسناد أو إبدال عن بالواو.
(القرينان هما المتقاربان في السن والإسناد، وربما اكتفى الحاكم بالإسناد) أي بالتقارب فيه وإن لم يتقاربا في السن.
(فإن روى كل واحد منهما عن صاحبه كعائشة وأبي هريرة) في الصحابة والزهري وأبي الزبير في الأتباع (ومالك والأوزاعي) في أتباعهم (فهو المدبج) بضم الميم وفتح الدال المهملة وتشديد الباء الموحدة وآخره جيم.
قال العراقي: وأول من سماه بذلك الدارقطني فيما أعلم، قال: إلا أنه لم يقيده بكونهما قرينين بل كل اثنين روى كل منهم عن الآخر يسمى بذلك وإن كان أحدهما أكبر وذكر منه رواية النبي صلى الله عليه وسلم عن أبي بكر وعمر وسعد بن عبادة وروايتهم عنه ورواية عمر عن كعب وكعب عنه وبذلك يندفع اعتراض ابن الصلاح على الحاكم في ذكره في هذا رواية أحمد عن عبد الرزاق عنه لأنه ماش على ما قاله شيخه ونقله عنه.
ثم وجه التسمية، قال العراقي: لم أر من تعرض لها.
قال: إلا أن الظاهر أنه سمي به لحسنه لأنه لغة المزين، والرواية كذلك إنما تقع لنكتة يعدل فيها عن العلو إلى المساواة أو النزول فيحصل للإسناد بذلك تزيينٌ.
قال: ويحتمل أن يكون سمي بذلك لنزول الإسناد فيكون ذماً من قولهم: رجل مدبج: قبيح الوجه والهامة، حكاه صاحب (المحكم)، وقد قال ابن المديني والمستملي: النزول شؤم، وقال ابن معين: الإسناد النازل حدرة في الوجه.
قال: وفيه بعد، والظاهر الأول.
قال: ويحتمل أن يقال: إن القرينين الواقعين في المدبج في طبقة واحدة بمنزلة واحدة شُبِّها بالخدين إذ يقال لهما: الديباجتان، كما قاله الجوهريُّ وغيرُه.
قال: وهذ المعنى متوجه على ما قاله ابن الصلاح والحاكم إن المدبج مختص بالقرينين وجزم بهذا المأخذ في (شرح النخبة)، فإنه قال: لو روى الشيخ عن تلميذه فهل يسمى مدبجاً فيه بحث والظاهر لا، لأنه من رواية الأكابر عن الأصاغر، والتدبيج مأخوذ من ديباجتي الوجه فيقتصى أن يكون مستوياً من الجانبين.
أما رواية القرين عن قرينه من غير أن يعلم رواية الآخر عنه فلا يسمى مدبجاً كرواية زائدة بن قدامة عن زهير بن معاوية ولا يعلم لزهير رواية عنه). انتهى كلام السيوطي.
المصدر: لسان المحدثين/ الجزء الثاني
¥