ـ[عبد اللطيف الحسيني]ــــــــ[09 - 02 - 08, 02:38 ص]ـ
314. تدليس الإجازة:
هو أن يروي الراوي ما تحمله بالإجازة، بصيغة أداء توهم أنه سمعه من المجيز، أو أنه كتب به إليه، مع أنه إنما سمع منه عبارة الإجازة فقط، أو كتب إليه بالإجازة فقط، وأشار إلى المجاز به، أو عينه، دون أن يكتبه له.
ومن تلك الصيغ المستعملة لهذا النوع من الإيهام (أخبرني) و (شافهني) و (كتب إليّ).
قال ابن حجر في (طبقات المدلسين) (ص62): (ويلتحق بالتدليس ما يقع من بعض المحدثين من التعبير بالتحديث أو الإخبار عن الإجازة موهماً للسماع ولا يكون سمع من ذلك الشيخ شيئاً).
ونبه عليه أيضاً في (النكت على ابن الصلاح) انظر (2/ 624، 625، 633) منه.
وقال في (النخبة) و (شرحها) (ص172): (--- (وأطلقوا المشافهة في الاجازة المتلفظ بها) تجوزاً، (و) كذا (المكاتبة في الاجازة المكتوب بها)؛ وهو موجود في عبارة كثير من المتأخرين، بخلاف المتقدمين، فإنهم إنما يطلقونها فيما كتب به الشيخ من الحديث، إلى الطالب، سواء أذن له في روايته أم لا، لا فيما إذا كتب إليه بالإجازة فقط).
يعني يقول أحدهم مثلاً: (قال فلان فيما شافهني به: حدثنا فلان) ثم يذكر حديثاً؛ أو يقول: (شافهني فلان قال أخبرني فلان) ثم يذكر حديثاً، مع أن أصل استعمالهم لهذه الكلمة أو أصل معناها في اللغة إنما يقال فيما يسمعه الطالب من شيخه.
وأما ما قاله بشأن المكاتبة فواضح لا يحتاج إلى شرح.
وهذا يسميه بعضهم (تدليس الصيغة)، ولعل تسميته (تدليس صورة التحمل)، أو (تدليس كيفية التحمل) أحسن وأبْيَن.
تكميل: قال ابن الصلاح: (وينبغي فيما شاع استعماله من هذه الألفاظ مخصوصاً بما سمع من غير لفظ الشيخ أن لا يطلق فيما سمع من لفظه لما فيه من الإيهام والإلباس).
وقال العراقي: (إطلاق (أنبأنا) بعد أن اشتهر استعمالها في الإجازة يؤدي إلى أن نظن بما أداه بها أنه إجازة فيسقطه من لا يحتج بها فينبغي أن لا يستعمل في السماع لما حدث من الاصطلاح).
وممن وصف بهذا النوع من التدليس أبو نعيم الأصبهاني، قال ابن حجر في (طبقات المدلسين) (ص82): (كانت له إجازة من أناس أدركهم ولم يلقهم فكان يروي عنهم بصيغة " أخبرنا "، ولا يبين كونها إجازة، لكنه كان إذا حدث عمن سمع منه يقول: "ثنا " سواء ذلك قراءة أو سماعاً، وهو اصطلاح له تبعه عليه بعضهم، وفيه نوع تدليس لمن لا يعرف ذلك).
ومن العلماء من لم يرض بتسمية هذا الصنيع تدليساً؛ قال العلائي في جامع التحصيل (ص114) عقب ذكره أسماء المدلسين، وبيانه لطبقاتهم، وهي عنده خمس طبقات: (وهذا كله في تدليس الراوي ما لم يتحمله أصلاً بطريق ما؛ فأما تدليس الإجازة والمناولة والوجادة بإطلاق " أخبرنا " فلم يعده أئمة الفن في هذا الباب، كما قيل في رواية أبي اليمان الحكم بن نافع عن شعيب، وروايةِ مخرمة بن بكير بن الأشج عن أبيه، وصالح بن أبي الأخضر عن الزهري، وشبه ذلك؛ بل هو إما محكوم عليه بالانقطاع أو يعد متصلاً؛ ومن هذا القبيل ما ذكره محمد بن طاهر المقدسي عن الحافظ أبي الحسن الدارقطني أنه كان يقول فيما لم يسمع من البغوي: "قرئ على أبي القاسم البغوي حدثكم فلان" ويسوق السند إلى آخره، بخلاف ما هو سماعه، فإنه يقول فيه: "قرىء على أبي القاسم وأنا أسمع"، أو "أخبرنا أبو القاسم البغوي قراءةً "، ونحو ذلك؛ فإما أن يكون له من البغوي إجازة شاملة بمروياته كلها فيكون ذلك متصلاً له، أو لا يكون كذلك فيكون وجادة؛ وهو قد تحقق صحة ذلك عنه).
ونحو تدليس الاجازة تدليس المكاتبة وتدليس المناولة.
وانظر (الإجازة العامة) و (أخبرنا).
ـ[عبد اللطيف الحسيني]ــــــــ[09 - 02 - 08, 02:43 ص]ـ
335. التراجم:
التراجم: جمع ترجمة، والترجمة لها معانٍ:
أولها: معنى علمي عرفي، وهو التعريف بإنسانٍ أو بلدٍ أو موضعٍ أو نهرٍ أو معركةٍ أو كتابٍ، أو نحو ذلك من الأشياء التي لها شأنٌ ولها أسماءٌ لأعيانها، أي أسماؤها أسماء أعلام.
ومن هنا عُرِفَت الكتب المختصة بالتعريف بالأشخاص باسم كتب التراجم.
الثاني: اسم الكتاب أو الباب أو الفصل منه، وتعني العنوان، ومن هذا المعنى قولهم (تراجم البخاري) وقولهم (هذا الحديث ترجم له البخاري بكذا وكذا) أو: (أورده تحت الترجمة الفلانية)، وقولهم (هذا الرجل ذكره السمعاني في كتاب الأنساب تحت ترجمة كذا)، وقولهم (فلان ضبط ابن ماكولا اسمه تحت ترجمة كذا، أو تحت رسم كذا).
وكأن عناوين الكتب وعناوين أبوابها وفصولها وعناوين سائر أقسامها سميت تراجم لأن العنوان يُعرّف تعريفاً مجملاً بما تحته من تفاصيل ويشير إلى موضوعها أو خلاصتها.
الثالث: الترجمة تعني إسناداً رويت به جملة من الأحاديث، وقد يطلق على مجرد الإسناد، انظر (جمع التراجم).
قال السيوطي في (تدريب الراوي) (1/ 78) في تضاعيف كلام له على رواية أحمد عن الشافعي عن مالك عن نافع عن ابن عمر: (وتسمى هذه الترجمة سلسلة الذهب).
ويظهر أن هذا المعنى الثالث قريب من المعنى الثاني أو العنوان، فكأن الإسناد أو القطعة منه كان يكتب على ظهر الكتاب أو الكراس أو الجزء، أو في أول صفحة منه، أو في أول حديث من أحاديثه، ثم تذكر بقية الأحاديث؛ مثل أن يجمع محدثٌ بعض ما رواه مالك عن نافع عن ابن عمر، فيكتب هذا الإسناد في أول النسخة فيكون الإسناد قائماً مقام العنوان، ومن هنا سمي مثل هذا الإسناد ترجمةً، ثم غلب في العرف استعمال كلمة الترجمة مرادفةً للإسناد؛ وانظر (جمع التراجم).
الرابع: معنى عرفي شائع، وهو التعبير عن الكلام الأعجمي بما يؤدي معناه في العربية، وعكس ذلك.
قال الفيروزابادي في (القاموس المحيط): (التّرْجُمانُ، كعُنْفُوانٍ وزَعْفَرانٍ ورَيْهُقانٍ: المُفَسِّرُ للسانِ، وقد تَرْجَمَهُ و [ترجم] عنه، والفِعْلُ يَدُلُّ على أصالَةِ التاءِ).
¥