قال ابن الصلاح في (علوم الحديث) (ص157): (القسم السابع من أقسام الأخذ والتحمل: الوصية بالكتب، بأن يوصي الراوي بكتاب يرويه، عند موته أو سفره، لشخص؛ فروي عن بعض السلف رضي الله تعالى عنهم أنه جوز بذلك رواية الموصَى له، لذلك، عن الموصي الراوي؛ وهذا بعيد جداً؛ وهو إما زلة عالم،أو متأوَّل على أنه أراد الرواية على سبيل الوجادة التي يأتي شرحها، إن شاء الله تعالى.
وقد احتج بعضهم لذلك فشبهه بقسم الإعلام وقسم المناولة، ولا يصح ذلك، فإن لقول من جوز الرواية بمجرد الإعلام والمناولة مستنداً ذكرناه، لا يتقرر مثله ولا قريب منه هاهنا، والله أعلم). انتهى.
وقال العراقي في ألفيته:
وبعضهم أجاز للموصَى لهْ--بالجزء من راوٍ قضى أجلهْ
يرويه أو لسفرٍ أراده-------ورُدَّ ما لم يُردِ الوِجادهْ
فقال السخاوي في (شرحه) (2/ 48):
" (وبعضهم) كمحمد بن سيرين (أجاز للموصى له) المعين واحداً فأكثر (بالجزء) من أصوله، أو ما يقوم مقامها بكتبه كلها (من راو) له رواية بالموصى به من غير أنْ يُعْلِمه صريحاً بأن هذا من مرويه؛ سواء كانت الوصية بذلك حين (قضى أجله) بالموت 000 (أو) حين توجهه (لسفر أراده) -----.
ولكن رد القول بالجواز حسبما جنح إليه الخطيب، بل نقله عن كافة العلماء، وذلك أنه قال:
ولا فرق بين الوصية بها وابتياعها بعد موته في عدم جواز الرواية إلا على سبيل الوجادة؛ قال: وعلى ذلك أدركنا كافة أهل العلم، إلا أن تكون تقدمت من الراوي إجازة للذي سارت غليه الكتب برواية ما صح عنده من سماعاته، فإنه يجوز أن يقول حينئذ فيما يرويه منها: (أخبرنا) و (حدثنا) على مذهب من أجاز أن يقال ذلك في أحاديث الإجازة؛ وتبعه ابن الصلاح حيث قال: إن القول بالجواز بعيد جداً----"؛ انتهى.
تنبيه: قال أحمد محمد شاكر رحمه الله في (شرح ألفية السيوطي) (ص139) في تعريف التحمل بالوصية والكلام عليه:
(فهو أن يوصي الشيخ عند سفره أو عند موته لشخص بكتاب يرويه عنه----).
قلت: أرى أن كلمة (يرويه عنه) زيادة من الشيخ أحمد شاكر في تعريف الوصية، وهي زيادة غير صحيحة، ومعناها هو الذي جعل الشيخ لا يرى وجهاً للتفرقة بين الوصية والإجازة كما سيأتي في كلامه.
إن المراد بالوصية عند الإطلاق الوصية المجردة عن الإذن بالرواية، أو عن قرينة مشعرة بذلك، أو دالة عليه.
فهي تحتمل أن تكون وصية على سبيل الصدقة أو الهدية أو من أجل أن ينتفع الموصى له ببيعها، وأنَّ تلك الكتب الموصى بها لعله يكون فيها ما ليس من روايته، أو يكون فيها بعض مسوَّداته التي لم يقابلها على أصولها ولم يعتن بتصحيحها؛ ويظهر أن هذه المعاني هي التي راعاها ابن الصلاح رحمه الله عندما ذهب إلى ما سبق نقله عنه، وهو مصيب في ذلك، أعني قوله (بأن يوصي الراوي بكتاب يرويه)، أي بكتاب قد سمعه من شيوخه، أو أذنوا له بروايته؛ ولكن الشيخ العلامة أحمد شاكر رحمه الله زاد عقب كلمة (يرويه) كلمة (عنه) فاختلف المعنى.
ثم قال الشيخ أحمد في تتمة كلامه السابق: (وهذا النوع من الرواية نادر الوقوع، ولكنا نرى أنه إن وقع صحت الرواية به، لأنه نوع من الإجازة، إن لم يكن أقوى من الإجازة المجردة، لأنه إجازة من الموصي للموصى له برواية شيء معين مع إعطائه إياه [!!!]، ولا نرى وجهاً للتفرقة بينه وبين الاجازة، وهو في معناها أو داخل تحت تعريفها، كما يظهر ذلك بأدنى تأمل). انتهى.
المصدر: لسان المحدثين/ الجزء الخامس
ـ[جمال الموصلي]ــــــــ[15 - 02 - 08, 05:47 م]ـ
من مصطلحات علم الإسناد
لعلم الإسناد مصطلحاته المناسبة له، حاله في ذلك كبقية العلوم الأخرى، مع ما يشترك به مع بعضها، وخاصة مصطلحات علوم الحديث، لما بينهما من علاقة مترابطة.
ومن هذه المصطلحات:
1 - المُسْنِد: بكسر النون، وهو من يروي الحديث بإسناده، سواء كان له علم به أو ليس له إلا مجرد الرواية.
وقد صار اليوم يطلق على من توسع في الرواية وحصّل الكثير من المسانيد والفهارس، واتصل بها عن أئمة المشرق والمغرب من أهل هذا الشأن 0
2 - المُحَدِث: هو العالِم بطرق الحديث وأسماء الرجال والمتون، لا من اقتصر على السماع المجرد 0
¥