تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأَمَّا الشَّيْخُ عَدِيُّ بْنُ مُسَافِرِ بْنِ صَخْرٍ فَكَانَ رَجُلاً صَالِحَاً، وَلَهُ أَتْبَاعٌ صَالِحُونَ، وَمِنْ أَصْحَابِهِ مَنْ فِيهِ غُلُوٌّ عَظِيمٌ يَبْلُغُ بِهِمْ غَلِيظَ الْكُفْرِ، وَقَدْ رَأَيْت جُزْءَاً أَتَى بِيَدِ أَتْبَاعِهِ، فِيهِ نَسَبُهُ وَسِلْسِلَةُ طَرِيقِهِ، فَرَأَيْت كِلَيْهِمَا مُضْطَرِبَاً. أَمَّا النَّسَبُ، فَقَالُوا: عَدِيُّ بْنُ مُسَافِرِ بْنِ إسْمَاعِيلَ بْنِ مُوسَى بْنِ مَرْوَانَ بْنِ أَحْمَد بْنِ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ مَرْوَانَ الأُمَوِيِّ، وَهَذَا كَذِبٌ قَطْعَاً، فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ خَمْسَةُ أَنْفُسٍ. وَأَمَّا «الْخِرْقَةُ»، فَقَالُوا: دَخَلَ عَلَى الشَّيْخِ الْعَارِفِ عُقَيْلٍ الْمَنْبِجِيِّ، وَأَلْبَسَهُ الْخِرْقَةَ بِيَدِهِ، وَالشَّيْخُ عُقَيْلٌ لَبِسَ الْخِرْقَةَ مِنْ يَدِ الشَّيْخِ مَسْلَمَةَ الْمردجي، وَالشَّيْخُ مَسْلَمَةُ لَبِسَ الْخِرْقَةَ مِنْ يَدِ الشَّيْخِ أَبِي سَعِيدٍ الْخَرَّازِ.

قُلْت: هَذَا كَذِبٌ وَاضِحٌ، فَإِنَّ مَسْلَمَةَ لَمْ يُدْرِكْ أَبَا سَعِيدٍ الْخَرَّازِ، بَلْ بَيْنَهُمَا أَكْثَرُ مِنْ مِائَةٍ سَنَةٍ، بَلْ قَرِيبَاً مِنْ مِائَتَيْ سَنَةٍ.

ثُمَّ قَالُوا: وَالشَّيْخُ أَبُو سَعِيدٍ الْخَرَّازُ لَبِسَ الْخِرْقَةَ مِنْ يَدِ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ الْعَنْسِيَّ، و الْعَنْسِيُّ لَبِسَهَا مِنْ يَدِ الشَّيْخِ عَلِيِّ بْنِ عَلِيلٍ الرَّمْلِيِّ، وَالشَّيْخُ عَلِيُّ بْنُ عَلِيلٍ لَبِسَهَا مِنْ يَدِ وَالِدِهِ الشَّيْخِ عَلِيلٍ الرَّمْلِيِّ، وَالشَّيْخُ عَلِيلٌ لَبِسَ الْخِرْقَةَ مِنْ يَدِ الشَّيْخِ عَمَّارٍ السَّعْدِيِّ، وَالشَّيْخُ عَمَّارٌ السَّعْدِيُّ لَبِسَ الْخِرْقَةَ مِنْ يَدِ الشَّيْخِ يُوسُفَ الْغَسَّانِيِّ، وَالشَّيْخُ يُوسُفُ الْغَسَّانِيُّ لَبِسَ الْخِرْقَةَ مِنْ يَدِ وَالِدِهِ الشَّيْخِ يَعْقُوبَ الْغَسَّانِيِّ، وَالشَّيْخُ يَعْقُوبُ الْغَسَّانِيُّ لَبِسَ الْخِرْقَةَ مِنْ يَدِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يَوْمَ خَطَبَ النَّاسَ بِالْجَابِيَةِ، وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لَبِسَ الْخِرْقَةَ مِنْ يَدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَبِسَ الْخِرْقَةَ مِنْ يَدِ جِبْرِيلَ، وَجِبْرِيلُ مِنْ اللهِ تَعَالَى.

قُلْت: لُبْسُ عُمَرَ لِلْخِرْقَةِ وَإِلْبَاسُهُ، وَلُبْسُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْخِرْقَةِ وَإِلْبَاسُهُ، يَعْرِفُ كُلُّ مَنْ لَهُ أَدْنَى مَعْرِفَةٍ أَنَّهُ كَذِبٌ.

وَأَمَّا الإِسْنَادُ الْمَذْكُورُ مَا بَيْنَ أَبِي سَعِيدٍ إلَى عُمَرَ فَمَجْهُولٌ، وَمَا أَعْرِفُ لِهَؤُلاءِ ذِكْرًا لا فِي كُتُبِ الزُّهْدِ وَالرَّقَائِقِ، وَلا فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ وَالْعِلْمِ، وَمِنْ الْمُمْكِنِ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ هَؤُلاءِ كَانُوا شُيُوخَاً، وَقَدْ رَكَّبَ هَذَا الإِسْنَادَ عَلَيْهِمْ مَنْ لَمْ يَعْرِفْ أَزْمَانَهُمْ، وَاَللهُ أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ أَمْرِهِمْ. ثُمَّ ذَكَرُوا بَعْدَ هَذَا «عَقِيدَتَهُ»، وَقَالُوا: هَذِهِ عَقِيدَةُ السُّنَّةِ مِنْ إمْلاءِ الشَّيْخِ عَدِيٍّ، وَالْعَقِيدَةُ مِنْ «كِتَابِ التَّبْصِرَةِ» لِلشَّيْخِ أَبِي الْفَرَجِ الْمَقْدِسِيِّ بِأَلْفَاظِهِ نَقْلَ الْمِسْطَرَةِ، لَكِنْ حَذَفُوا مِنْهَا تَسْمِيَةَ الْمُخَالِفِينَ وَأَقْوَالَهُمْ، وَذَكَرُوا مَا ذَكَرَهُ مِنْ الأَدِلَّةِ، وَزَادُوا فِيهَا مِنْ ذِكْرِ يَزِيدَ وَغَيْرِهِ أَشْيَاءَ لَمْ يَقُلْهَا الشَّيْخُ أَبُو الْفَرَجِ، وَفِيهَا أَحَادِيثُ مَوْضُوعَةٌ.

وَقَالَ فِي آخِرِهَا: فَهَذَا اعْتِقَادُنَا، وَمَا نَقَلْنَاهُ عَنْ مَشَايِخِنَا نَقَلَهُ جِبْرِيلُ عَنْ اللهِ، وَنَقَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ جِبْرِيلَ، وَنَقَلَهُ الصَّحَابَةُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَذَكَرُوا أَنَّ هَذَا أَمْلاهُ الشَّيْخُ عَدِيٌّ مِنْ حِفْظِهِ، وَأَمَرَ بِكِتَابَتِهِ، وَرَوَوْا ذَلِكَ بِالسَّمَاعِ مِنْ الشَّيْخِ حَسَنِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ أَبِي الْبَرَكَاتِ بِسَمَاعِهِ مِنْ وَالِدِهِ عَدِيِّ بْنِ أَبِي الْبَرَكَاتِ بْنِ صَخْرِ بْنِ مُسَافِرٍ، وَهُوَ عَدِيٌّ الْمَذْكُورُ». اهـ بِنَصِّهِ

قُلْتُ: وَلا تَسْتَطِلْ كَلامَ شَيْخِ الإِسْلامِ أبِي الْعَبَّاسِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ، فَإِنَّهُ نَافِعٌ جِدَّاً جُمْلَةً وَتَفْصِيلاً، فَقَدْ أَحَاطَ بِالْكَثِيْرِ مِنْ أَكَاذِيبِ الصُّوفِيَّةِ وَتُرَّهَاتِهِمْ وَافْتَرَاءَاتِهِمْ، وَأَصُولِ فَسَادِهِمْ وِإِفْسَادِهِمْ، وَانْحِرَافِ عَقَائِدِهِمْ وَنِحَلِهِمْ. وَمَا يَرْتَكِبُونَهُ مِنَ الْمُخَالِفَاتِ لأَوَامِرِ الشَّرِيعَةِ، وَمَا يَبْتَدِعُونَهُ مِنَ الأَحْوَالِ الْمُسْتَقْبَحَةِ الشَّنِيعَةِ، فَأَكْثَرُ بِكَثِيْرٍ مِمَّا ذُكِرَ، وَكُلُّهُ مَأْخُوذٌ عَنِ الزَّنَادِقَةِ وَالرَّافِضَةِ، وَهَاتَانِ الطَّائِفَتَانِ أَصْلُ كُلِّ بَلاءٍ يُصِيبُ الْمُسْلِمِينَ فِي دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ، وَحَيْثُ رَاجِتِ الْبِدَعُ التَّعَبُّدِيَّةُ، الْمُشَابِهَةُ لِلطُّقُوسِ وَالْمَرَاسِمِ الْوَثَنِيَّةِ، كَالْغِنَاءِ وَالرَّقْصِ وَالاخْتِلاطِ وَالإِبَاحِيَّةِ، وَالطَّوَافِ بِالْقُبُورِ وَالتَّمَسُّحِ بِأَعْتَابِهَا وَأَرْكَانِهَا، وَالتَّذَلُّلِ وَالتَّوَسُّلِ وَالاسْتِشْفَاعِ بِقُطَّانِهَا، فَفَتِّشْ عَنْ رُؤوسِ الزَّنْدَقَةِ وَالرَّفْضِ!.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير