ـ[أبو محمد الألفى]ــــــــ[21 - 05 - 08, 10:43 ص]ـ
عَجَائِبُ التَّزْوِيرِ وَالاخْتِرَاعِ، وَالْمُبَالَغَةُ فِي التَّنَطُّعِ وَالابْتِدَاعِ!!
فَقَدْ بَانَ وَوَضَحَ مِنْ كَلامِ شَيْخِ الإِسْلامِ طَيَّبَ اللهُ ثَرَاهُ: أَنَّ لُبْسَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْخِرْقَةِ وَإِلْبَاسَ جِبْرِيلَ لَهُ، وَإِلْبَاسَهُ أَصْحَابَهُ إِيَّاهَا أُكْذُوبَةٌ صُوفِيَّةٌ، مِنَ أَكَاذِيبِ أَسَاتِيذِ الطَّوَائِفِ الْفَقْرِيَّةِ، وَمَوْضُوعَاتِ مَجَاذِيبِ الشَّاذُلِيَّةِ وَالتُّسْتَرِيَّةِ وَالسَّهْرَوَرْدِيَّةِ، وَالَّتِي يَجْزِمُ كُلُّ مَنْ لَهُ أَدْنَى مَعْرِفَةٍ بِسِيرَةِ الْهَادِي الأَمِينِ، وَأَصْحَابِهِ الأَكْرَمِينَ، وَآلِ بَيْتِهِ الطَّاهِرِينَ الْمُطَهَّرِينَ: أَنَّهُا مِنْ أَقْبَحِ الْكَذِبِ وَالْبُهْتَانِ، وَلا يَصْدُرُ مِثْلُهُ إِلاَّ مِمَّنْ اسْتَفَزَّهُ الشَّيْطَانُ، فَضَلَّ ضَلالاً بَعِيدَاً، «وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانَاً مُبِينَاً. يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورَاً».
وَمِنْ عَجَائِبِ التَّزْوِيرِ وَالاخْتِرَاعِ، وَالْمُبَالَغَةِ فِي التَّنَطُّعِ وَالابْتِدَاعِ، أَنْ يَصِلَ عَدَدُ الْخِرَقِ عِنْدَ مُتَأَخِّرِي الصُّوفِيَّةِ إِلَى سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ خِرْقَةً أَوْ تَزِيدَ، لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا اسْمٌ خَاصٌّ بِهَا، مُشْتَقٌّ مِنْ اسْمِ أَوَّلِ مَنْ لَبَسَهَا، كَالْخَضِرِيَّةِ وَالإِلْيَاسِيَّةِ وَالْبَكْرِيَّةِ وَالْعُمَرِيَّةِ وَالْعَلَوِيَّةِ وَالْعَبَّاسِيَّةِ وَالسُّلَيْمَانِيَّةِ وَالْجُنَيْدِيَّةِ وَالأَدْهَمِيَّةِ وَالسُّفْيَانِيَّةِ، وَإِنْ كَانَ أَوَّلَ مَنْ لَبَسَهَا عِفْرِيتٌ مِنَ الْعَفَارِيتِ الزُّرْقِ، أَوْ جِنِّيٌّ مِنْ مُلُوكِ الْجِنِّ الْحُمْرِ، أَوْ مَجْهُولٌ مِنْ رِجَالِ الْعَوَالِمِ الْخَفِيَّاتِ، أَوْ امْرَأَةٌ مِنْ الْعَاشِقَاتِ الْوَالِهَاتِ، سُمِّيتْ الْخِرْقَةُ بِاسْمِهِ، وَتَشَكَّلَتْ بِرَسْمِهِ وَوَسْمِهِ، كَالشَّمْهَرُوشِيَّةِ وَالْعِفْرِيتِيَّةِ وَالْجِنِّيَّةِ وَالْبِسْطَامِيِّةِ وَالْعَدَوِيَّةِ.
وَفِي جِرَابِ السَّادَّةِ الْحَلاَّجِيَّة وَالْحَاتِمِيَّةِ وَالرِّفَاعِيَّةِ مِنْ تِلَكَ الْخِرَقِ أشكالٌ وَأَلْوَانٌ، تُنَاسِبُ كُلَّ عَصْرٍ وَآوَانٍ، فَالصُّوفِيَّةُ لا يَمَلُّونَ، وَيَكْثُرُونَ وَلا يَقِلُّونَ، وَالسُّكُوتُ عَنْ كَثِيْرٍ مِنَ الأَسْرَارِ، أَسْلَمُ مِنَ التَّعَرُّضِ لِهَؤُلاءِ الأَشْرَارِ، إِذْ لَمْ تَعُدْ هَذِهِ الْمَعَارِفُ كَمَا كَانَتْ مِنْ قَبْلُ خَفِيَّةً، بَلْ هِيَ مُعْلَنَةٌ وَوَاضِحَةٌ وَجَلِيَّةٌ، وَمَزْبُورَةٌ فِي كُتُبِهِمْ وَدَسَاتِيرِهِمْ، وَصَحَائِفِ مَرْوِيَاتِهِمْ وَمَشْيَخَاتِهِمْ، وَيَتْلُونَهَا فِي الْمَجَالِسِ الْعَامَّةِ وَعَلَى رُؤُوسِ الأَشْهَادِ، وَتَنْقُلُهَا إِلَى آفَاقِ الْعَالِمِ التِّلْفَازَاتُ وَالْقَنَوَاتُ.
وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ هَذِهِ الْمَشْيَخَةِ الْخِرَقِيَّةِ، وَالْفَضِيحَةِ الإِنْسَانِيَّةِ وَالأَخْلاقِيَّةِ!.
فَقَدْ جَمَعَ الصُّوَفِيُّ الشَّهِيْرُ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي الْفُتُوحِ الطَّاوسِيُّ الأَبْرَقُوهِيُّ الْحَنَفِيُّ فِي ثَبَتَهِ الْكَبِيْرِ الْمُسَمَّى «جَمْعُ الْفِرَقِ لِرَفْعِ الْخِرَقِ»، جُمَلَةً من خِرَقِ الصُّوفِيَّةِ الْمُبَعْثَرَةِ فِي خَبَايَا التَّكَايَا، وَمَجَاهِلِ الزَّوَايَا، وَأَوْدَعَهَا هَذَا الثَّبَتَ، وَهِيَ ثَمَانِيَ خِرَقٍ لَهَا ثَمَانِيَةُ وَسَائِطَ مِتَّصِلَةٌ عِنْدَهُ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْوَاسِطَةُ الأُولَى الْخَضَرُ، وَالثَّانِيَةُ إِلْيَاسُ، وَالثَّالِثَةُ أَبُو بَكْرٍ الصَّدِّيقُ، وَالرَّابِعَةُ عُمَرُ، وَالْخَامِسَةُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَالسَّادِسَةُ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ، وَالسَّابِعَةُ سَيِّدُ أَهْلِ الصُّفَّةِ أبُو الدَّرْدَاءِ، وَالثَّامِنَةُ الْقُطْبُ أبُو الْبَيَانِ بْنُ مَحْفُوظٍ الْقُرَشِيُّ.
كما اشْتَمَلَ ثَبَتُهُ الْعَجِيبُ عَلَى سِتَّةٍ وَعِشْرِينَ طَرِيقَةً صُوفِيَّةٍ، مِنْهَا: الْحَلاَّجِيَّةٌ، وَالتُّسْتَرِيَّةٌ، وَالقُشَيْرِيَّةٌ، وَالنَّقْشَبَنْدِيَّةٌ، وَالْمَوْلَوِيَّةٌ، وَالشَّاذُلِيَّةٌ، وَالسَّهْرَوَرْدِيَّةٌ، وَالْعُمَرِيَّةٌ، وَالْخَضِرِيَّةٌ، وَالْوَفَائِيَّةٌ.
وَرَدَ ذِكْرُ هَذَا الثَّبَتِ فِي تَرْجَمَةِ ابْنِ أَبِي الْفُتُوحِ الطَّاوسِيُّ فِي «فِهْرِسِ الْفَهَارِسِ»، وَقَالَ جَامِعُ الْفِهْرِس: أَرْوِيهِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي مَهْدِيٍّ الثَّعَالِبِيِّ وَالْكُورَانِيِّ وَالْعُجَيْمِيِّ وَالْعَيَّاشِيِّ وَغَيْرِهِمْ عَنْ الصَّفِيِّ الْقَشَّاشِيِّ عَنْ الشَّنَوَانِيِّ عَنْ السِّيِّدِ غَضَنْفَرِ بْنِ جَعْفَرٍ النَّهْرَوَالِيِّ الْمَدَنِيِّ عَنِ الْخَطِيبِ تَاجِ الدِّينِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَسْعُودِ بْنِ مُحَمَّدِ الْكَازَرُونِيِّ عَنْ جَدِّهِ الْحَافِظِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي الْفُتُوحِ الطَّاوسِيِّ فِيمَا لَهُ.
قُلْتُ: عِيَاذَاً بِكَ اللَّهُمَّ مِنَ الأَكَاذِيبِ وَالأَبَاطِيلِ، «فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ». أَلَيْسَ هَذَا مِنَ الْكَذِبِ الْمَكْشُوفِ لِكُلِّ ذِي بَصَرٍ وَبَصِيْرَةٍ: ثَمَانِي خِرَقٍ صُوفِيَّةٍ مَكْذُوبَةٌ مَنْسُوبَةٌ لِلْخَضِرِ، وَإِلْيَاسَ، وَالصِّدِّيقِ، وَالْفَارُوقِ، وَسَلِيلِ بَيْتِ النُّبُوَّةِ، وَحَبْرِ الأَئِمَّةِ، وَحَكِيمِ الأُمَّةِ، وَقُطْبُ الصُّوفِيَّةِ!!
¥