قال ابن عقيل في الفنون: تستبطئ الإجابة من الله تعالى لأدعيتك في أغراضك التي يجوز أن يكون في باطنها المفاسد في دينك ودنياك، وتتسخط بإبطاء مرادك مع القطع على أنه سبحانه لا يمنعك شحا ولا بخلا ولا نسيانا، وقد شهد لصحة ذلك مراعاته لك.
ولا لسان ينطق بدعاء، ولا أركان لعبده، ولا قوة تتحرك بها في طاعة من طاعاته، فكيف وجملتك وأبعاضك وقف على خدمته، ولسانك رطب بأذكاره؟ لكن إنما أخر رحمة لك وحكمة ومصلحة، وقد تقدم إليك بذلك تقدمة، فقال سبحانه: {وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون}.
وأنت العبد المحتاج تتخلف عن أكثر أوامره، ولا تستبطئ نفسك في أداء حقوقه. هل هذا إنصاف أن يكون مثلك يبطئ عن الحقوق ولا تنكر ذلك من نفسك، ثم تستبطئ الحكيم الأزلي الخالق في باب الحظوظ التي لا تدري كيف حالك فيها هل طلبها عطب وهلاك، أو غبطة وصلاح. [ص: 281]
والله سبحانه ينبهك على الاحتياط لنفسك وسرك ومالك، بالاحتياط لمال غيرك، لقد أوجب عليك ذلك التحرز والتحفظ والارتياد والمبالغة في الانتقاد لكل محل تودعه سرا أو مالا أو ترجع إليه، أو مشورة تقتبس بها رأيا، ونبهك على ما هو أوكد من ذلك وهو أن تعلم بأنك وإن بلغت الغاية من الفهم والعقل والتجربة يجوز أن يعلم الباري سبحانه تقصيرك عن تدبير نفسك، فإذا بالغت في الدعاء المحبوب نفسك جاز له سبحانه أن يعطيك بحسب ما طلبت، ولا يرخي لذلك العنان بحكم ما له أردت، بل يحبس عنك لصلاحك، ويضيق عليك ما وسعه على غيرك نظرا لك ; لأنه في حجر الربوبية ما دمت عبدا.
فإذا أخرجك عن ربقة التكليف سرحك تسريحا، ولا تطلب التخلية حال حبسك، ولا التصرف بحسب مرادك حال حجرك فلست رشيدا في مصالحك، فكن بالله كاليتيم، مع الولي الحميم، تسترح من كد التسخط، وتنجو من مأثم الاعتراض والتحير، وليس يمكنك هذا إلا بشدة بحث ونظر في حبك وقدرك.
فإذا علمت أنك بالإضافة إلى الحكمة الربانية والتدبير الإلهي دون اليتيم بالإضافة إلى الولي بكثير، صح لك التفويض والتسليم، واسترحت من كد الاعتراض ومرارة التسخط والتدبير. وقد أشار إلى ذلك بقوله: {وكفى بربك وكيلا}.
واعلم أنه في أسر الأقدار تصرف فإن اعترضت صرت في أسر الشيطان، فلأن تكون في أسر من لا يتهم عليك خير من أن تكون في أسرين أحدهما لا محيص لك عنه، والآخر أنت أوقعت نفسك فيه. ولا أقبح من عاقل حماه الله وحجر عليه حميمه نظرا له أدخل على نفسه عدوا بقبح آثار وليه عنده، ويسخطه عليه ليفسد عليه مع الولي. وذكر كلاما كثيرا. [ص: 282]
ـ[الوقار المسلمة]ــــــــ[10 - 04 - 09, 07:12 م]ـ
قال الحسن: إن القلب إن كان حيًّا وكان بالوجه حياء حمل صاحبه على الوقار، فيوقر غيره ويتوقر هو في نفسه.
وعلى قدر توقير العبد وتعظيمه لربه يكون توقير الخلق له. فمن عظم الله ووقره زرع الله له المحبة والتوقير في قلوب الخلق.
ومن استهان بحق الله تعالى وضعف في قلبه توقير الرب، فتجرأ على معاصيه وحدوده وضيع أوامره وفرائضه، فإن الله لا يلقي له في قلوب الناس وقارًا ولا هيبة، وإن وقَّره بعض الخلق اتقاء شره فذاك وقار بغض لا وقار حبٍّ ولا تعظيم.
يَدَعُ الجوابَ ولا يُراجَع هيب**ةًوالسائلون نواكسُ الأذقانِ
نور الوقار وعز سلطان التقى** فهو المهيب وليس ذاسلطان
ـ[طويلبة علم]ــــــــ[14 - 04 - 09, 01:31 ص]ـ
إجزاكِ الله خيراً على هذه الفوائد
ذا جاريت في خلق دنيئاً ... فأنت ومن تجاريه سواءُ
رأيت الحر يجتنب المخازي ... ويحميه عن الغدر الوفاء
وما مِن شدة إلا سيأتي ... لها من بعد شدتها رخاء
لقد جربت هذا الدهر حتى ... أفادتني التجارب والعناء
إذا ما رأس أهل البيت ولىبدا لهم من الناس الجفاء
يعيش المرء ما استحيا بخير ... ويبقى العود ما بقي للحاء
فلا والله ما في العيش خير ... ولا الدنيا إذا ذهب الحياء
إذا لم تخش عاقبة الليالي ... ولم تستحي فافعل ما تشاء
لئيم الفعل بمن أمسى وأصبح أمره ... تَبَعاً لأمر الدودة الشّعراء