[ملحوظات على كتاب (قراءة الفاتحة في الصلاة للإمام والمأموم والمنفرد)]
ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[25 - 02 - 05, 09:13 م]ـ
بسم الله الرحم?ن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه. أما بعد:
فإنه لما كانت الصلاة أعظم العبادات، وثاني أركان الدين، وقوامه المتين، اهتم العلماء السابقون واللاحقون ببيانها، وإيضاح واجباتها وأركانها، وصفتها وما تقوم به.
ثم تشعبت المسائل في صفة الصلاة، وتكاثرت، واختلف فيها، فبعضها ما الخلاف فيه يسير سرعان ما يتوصل المرء إلى الرأي السديد فيه، ومنها ما الخلاف فيه شعب تتبعها شعب، ومسالك متفرعة شائكة، ومن ذلك: مسألة قراءة الفاتحة للمأموم في الصلاة الجهرية خلف الإمام.
وهي من أشهر مسائل الخلاف، تعددت الآراء فيها، وقويت أدلة كل رأي، حتى أصبح المرجِّح حيران في ترجيحه، بالكاد يستطيع أن يجزم بما هو الصواب.
وفي ذي القعدة من عام 1425ه أصدر الشيخ د. علي بن عبد الرحمن الحسون كتاب (قراءة الفاتحة للإمام والمأموم والمنفرد) بحثاً قويّاً منهجيّاً محكَّماً تحكيماً علميّاً من جهتين علميتين. توصل فيه في النهاية إلى الترجيح المتمثل في التالي:
1. قراءة الفاتحة ركن على الإمام والمنفرد، وواجب لا يسقط بحال، ولا تصح الصلاة بدونها.
2. قراءة الفاتحة تسقط عن المأموم إذا جهر إمامه، ولا تسقط عنه في السِّرِّيَّة.
وأنا بصدد طرح ملحوظات - لا أكثر، ومن أنا حتى أسطر شيئاً أكبر من ملحوظة على عالم يُدَرِّس أمثالي والأكبر مني - على النقطة الأخيرة هذه. وسيكون الكلام حول النقاط التالية:
* استدل الشيخ - حفظه الله - على ذلك بما يلي:
أ- أن أدلة إيجاب الفاتحة عامة، وأدلة الأمر بالإنصات هي الخاصة، لا العكس، فيُخَصِّصُ الخاصُّ العامَّ.
ب- أن حديث عبادة بن الصامت - رضي الله عنه -: (صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الصُّبْحُ فَثَقُلَتْ عَلَيْهِ القِرَاءَةُ، فَلَمَّا انْصَرَف قَالَ: «إِنِّي أَرَاكُمْ تَقْرَؤُونَ وَرَاءَ إِمَامِكُمْ»، قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِيْ وَاللهِ، قَالَ: «لاَ تَفْعَلُوا إِلاَّ بِأُمِّ القُرْآنِ فَإِنَّهُ لاَ صَلاَةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِهَا» وفي لفظ: «فَلاَ تَقْرَؤُوا بِشَيْءٍ مِنَ القُرْآنِ إِذَا جَهَرْتُ بِهِ إِلاَّ بِأُمِّ القُرْآنِ» - أن هذا الحديث فيه زيادة (إلا بأم القرآن) وفي روايات أخرى (بفاتحة الكتاب)، وهذه الزيادة مدرجة من الرواة أو موقوفة على عبادة، وأن الصحيح هو ما ثبت عن عبادة في صحيحي البخاري ومسلم من غير الزيادة المذكورة.
ج- أن حديث محمد بن أبي عائشة عن رجل صحب النبي - صلى الله عليه وسلم - بنحو حديث عبادة، حديث فيه انقطاع بين محمد بن أبي عائشة والصحابي، والشيخ يرى أنه قد يصل إلى درجة الحسن، نظراً لتصحيح بعض حفاظ الحديث له.
د- أدلة الموجبين للقراءة.
ه- أن أدلة الموجبين - وإن صححها بعض الحفاظ - فلا أقل من أن يقال عنها بأنها مختلف فيها، والدليل المختلف فيه يمكن أن يغلَّب فيه جانب الصحة إذا لم يكن هناك دليل معارض هو مثله أو أقوى منه. وقد وجد دليل معارض أقوى منه، وهو أدلة الأمر بالإنصات من الآية: ? وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ? والأحاديث.
الملحوظات:
(1) ارتأى الشيخ - رعاه الله - أن أدلة وجوب الإنصات أخص من أدلة وجوب قراءة الفاتحة، ولعل الأمر خلاف ذلك، والبيان فيما يلي:
متفق بيننا على أن الكلام هنا عن مسألة (قراءة الفاتحة - خاصةً دون غيرها - والإمام يقرأ)، ولو نظرنا إلى أدلة وجوب الإنصات وأدلة وجوب قراءة الفاتحة خرجنا بالتالي:
- أدلة وجوب الإنصات، كقوله تعالى: ? وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ? نصَّت على وجوب الإنصات، وبالاستفاضة عن السلف أنها نزلت في الصلاة، لكن هل أشارت إلى الفاتحة
(وهي موضع الخلاف عندنا)؟ بل هي عامة في ? الْقُرْآن ?، فليست بِأَخَصَّ من قوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ» ومثلِهِ من أشباهِهِ.
¥