تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأن الكماليين خرجوا من عباءة الاتحاديين الملاحدة، لا فرق بينهم، فهم مثلهم في صلتهم باليهود، وتواطئهم مع الإنكليز، ورد على الذين نصحوه بعدم مهاجمة مصطفى كمال أتاتورك، لتعلق المسلمين به، وقال لهؤلاء: (ليست من وظيفة العلماء محاباة العامة، ومجاراة الدهماء، بل وظيفتهم إطلاع الناس على حقائق الأمور، ولا بد من بيان عصبية الكماليين لقوميتهم التركية وتعصبهم لطورانيتهم إلى حد العداوة للإسلام، ومهاجمته باعتباره دينا عربياً، وإحيائهم وإحلالهم المشاعر القومية محل المشاعر الإسلامية).

وقال: (إن الكماليين والاتحاديين حزب واحد، ولعنة الله على الاتحاديين الذين أدخلوا السياسة في الجيش، فسنوا بهذا سنة سيئة صارت آفة على الدولة، وصار الجيش آفة على الدولة، وقادوا الإمبراطورية إلى حربين ضيعوا فيهما الخلافة والدولة والأمة)، وقال: (ولن تجد ملة أو قوماً خارج بلادنا وداخلها دامت مودة الاتحاديين والكماليين معهم إلا اليهود)؛ ولهذا لم يسلم جنس من عدوانهم في تركيا، لا الألبان، ولا العرب، ولا الأكراد، ولا الأرمن، ولا الشراكسة، ولا الروم .. ما سلم من عدوانهم إلا اليهود.

وفي كتابه (مسألة ترجمة القرآن)، ناقش شيخ الأزهر الشيخ محمد مصطفى المراغي في مقاله (بحث في ترجمة القرآن وأحكامها) الذي كان فيه صدى لما فعله الكماليون في تركيا، الذين أمروا بترجمة القرآن إلى اللغة التركية، وحملوا المسلمين على الصلاة بها، بدلاً من لغة القرآن الكريم رد على المراغي الذي جوز الصلاة بالقرآن المترجم إلى التركية، كما رد على محمد فريد وجدي الذي أيد صنيع الكماليين. وقد نقل الشيخ صبري نقولاً كثيرة من مقال المراغي، ومقالي وجدي في معرض الرد عليهما، ناقشهما، وبين فساد آرائهما من الناحية الشرعية بأدلة كثيرة قوية، ونبه إلى ما سوف ينجم عنها من أخطار، كما رد على ما أباحه المراغي من جواز الاجتهاد في الفقه استناداً إلى الترجمة.

وفي كتابه (موقف البشر تحت سلطان القدر) رد على من زعم أن تأخر المسلمين وتواكلهم وانحطاطهم وتخلفهم إنما يرجع إلى إيمانهم بعقيدة القضاء والقدر، وفند آراءهم ومزاعمهم بحجج قوية.

وفي كتابه (قولي في المرأة) ومقارنته بأقوال مقلدة الغرب سدد طعناته عبر ردود قوية ومفحمة لأصحاب الدعوات المشبوهة التي جرت الناس إلى مستنقعات التهتك في التبرج، والابتذال على الشواطئ والاختلاط الداعر. وهو رد على اقتراح اللجنة التي تقدمت إلى مجلس النواب المصري، مطالبة بتعديل قانون الأحوال الشخصية، والأخذ بمبدأ تحرير المرأة، وتقييد تعدد الزوجات، وتقييد الطلاق، ومساواة المرأة بالرجل في الميراث، وما إلى ذلك من أمور أخذتها اللجنة والدعاة إلى التغريب من أوروبا.

وفي كتابه (القول الفصل بين الذين يؤمنون بالغيب والذين لا يؤمنون) رد على الماديين الملاحدة الذي يشككون في وجود الله تعالى، وعلى الذين ينكرون الغيب، والنبوة والمعجزات، وعلى العلماء الذي يؤولون المعجزات تأويلات تساير روح العصر المادي، حتى صار إيمانهم بالعلم المادي فوق إيمانهم بكتاب الله وسنة رسوله.

ومن رأي الشيخ، أن أخطر ما ابتلى به المدافعون عن الإسلام من الكتاب الذين تثقفوا بالثقافات الحديثة المغيبة عن الدين، لأن المستشرقين قد نجحوا في استدراجهم إلى أن ينزلوا النبي الكريم منزلة العباقرة والزعماء حتى إنهم حين يدافعون عما يوجه إليه من افتراءات يدافعون عنه من هذه الزاوية، وعلى هذا الأساس، ويفعلون ذلك باسم العلم .. والواقع أن ذلك نزول بالإسلام إلى أن يصبح مذهباً فكرياً أو سياسياً أو فلسفياً ككل الآراء، ونفي للصفة الأساسية في كل رسالة سماوية، وهي أنها وحي من عند الله سبحانه وتعالى.

وأما كتابه البديع (موقف العقل والعلم والعالم من رب العالمين، وعباده المرسلين)، وهو آخر ما ظهر للمؤلف من كتب في حياته، وطبعه عام 1950 في أربعة مجلدات كبيرة، فقد احتوى خلاصة آراء الشيخ في السياسة، والاجتماع، والفلسفة، والفقه، كما احتوى معاركه الفكرية مع عدد من أعلام عصره، كالمراغي، ووجدي، والعقاد، وهيكل وسواهم.

وذكر المؤلف أنه ألف هذا الكتاب، بعد ما رآه في تركيا من انصراف المتعلمين عن الدين، وما يراه في مصر من مثل ذلك الانصراف.

قال في مقدمته، مخاطباً روح أبيه: (لو رأيتني وأنا أكافح سياسة الظلم والهدم والفسوق والمروق في مجلس النواب، وفي الصحف والمجلات، قبل عهد المشيخة والنيابة وبعدهما، وأدافع عن دين الأمة وأخلاقها وآدابها وسائر مشخصاتها، وأقضي ثلث قرن في حياة الكفاح، معانياً في خلاله ألوان الشدائد والمصائب، ومغادراً المال والوطن مرتين في سبيل عدم مغادرة المبادئ مع اعتقال فيما وقع بين الهجرتين، غير محس يوماً بالندامة على ما ضحيت به في هذه السبيل من حظوظ الدنيا ومرافقها – لأوليتنني إعجابك ورضاك).

وكان الشيخ فيه عنف على من رأى فيهم خصوماً في الفكر والتوجه، ولولا تلك الحدة والشدة لكان كاتباً فريداً في بابه، ولكنه كان سيفقد أهم ما تميز به قلم الشيخ الذي لقي الألاقي في عمره المديد.

فقد تصدى للمستغربين، ورد على ما يثيرونه من شبهات حول الإسلام والداعين إليه، من مثل قولهم: (كيف يمكن أن تكون الحكومة حرة ومستقلة إذا قيدت نفسها بالدين؟)

ورد على زعم المستغربين: أن العلماء المعممين ليسوا من ذوي الاختصاص ولا يعتد بهم وبعلمهم الشرعي، ودعا العلماء إلى الاشتغال بالسياسة وقال: "فالعلماء المعتزلون عن السياسة، كأنهم تواطأوا على أن يكون الأمر بأيديهم - بأيدي السياسيين- ويكون لهم – للعلماء- منهم رواتب الإنعام والاحترام، كالخليفة المتنازل عن السلطة وعن كل نفوذ سياسي".

مجلة المنار، العدد 79، صفر 1425هـ

المصدر ( http://www.altareekh.com/doc/article.php?sid=918&mode=&order=0)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير