تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد مددت يدي بالذل مبتهلا * إليك يا خير من مدت إليه يد

فلا تردنها يا رب خائبة * فبحر جودك يروي كل من يرد

اللهم إنا تبرأ من الإيمان إلا بك، ومن اليقين إلا فيك، ومن التوكل إلا عليك، ومن الإنابة إلا إليك، اللهم إنا نبرأ إليك من ذنوبنا فاغفرها، ونبرأ إليك من عيوبنا فاسترها،

يا من ألوذ به فيما أؤمله * ومن أعوذ به مما أحاذره

لا يجبر الناس عظما أنت كاسره * ولا يهيضون عظما أنت جابره

لازلنا نحيا مع أعمال القلوب وأصول الإيمان، ونحن اليوم مع (التوكل على الله)، نطوف في بستانه، ونقطف من جنانه، ثم نعرج على أحوال المتوكلين على رب العالمين، نلتمس العبرة والعظة،،،

* نعيش اليوم مع التوكل على الله لأن التوكل على الله هو زاد للمسلم في هذه الدار، وهادي للشريد الذي دار وحار،

* نعيش مع التوكل على الله؛ لأن التوكل حبل لله متين، وصراط مستقيم، موصل لمرضاة رب العالمين،،،

* ثم نعيش مع التوكل على الله؛ لأن الله تعالى قال لنبيه: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لاَ يَمُوتُ}،،،

* وكيف لا نعيش مع التوكل على الله، ونحن في هذه الحياة الدنيا ليس لنا إلا الله: نؤمن به، ونتوكل عليه، ونتوب إليه، ونفوض الامر إليه، فإن ما شاء الله كان؛ وما لم يشأ لم يكن، ولا تتغير أحوال العباد من حال إلى حال إلا بالله، ولا قدرة لهم على طاعة الله إلا بتوفيق الله، ولا مانع لهم من المعاصي إلا بعصمة الله ...

فأعيروني القلوب والأسماع فإن هذا الموضوع الآن من الاهمية بمكان، وذلك لأننا صرنا في عصر أصبح التوكل فيه على الأسباب لا على مسبب الأسباب، وصار تفويض الأمور إلى الناس لا إلى رب الناس ...

أولا:

تعريف التوكل

التوكل مصدر الفعل (وكل)،

يقال: وكل بفلان، وتوكل عليه، واتكل عليه: أي استسلم له.

ويقال: وكل إليه الأمر: سلمه وتركه.

والوكيل: هو الذي يقوم بأمور موكله.

والتوكل: إظهار العجز والاعتماد على الغير ... هذا في اللغة،،،

وأما في اصطلاح الشرع فقد اختلفت عبارات السلف في تعريف التوكل، ويرجع هذا الأختلاف لتفسير التوكل تارة بأسبابه، وتارة بدرجاته، وتارة بثمارته، وغير ذلك من متعلقاته.

وعلى كل حال فيرجع تعريف التوكل إلى أنه: صدق اعتماد القلب على الله جل وعلا في جلب المصالح، ودفع المضار، في كل أمر من أمور الدينا، مع الأخذ بالأسباب ...

فهو صدق مع الله، وثقة في الله، وتفويض الأمر إلي الله، وطمأنينة القلب بالله، وحسن الظن به جل وعلا، والرضا عنه جل وعلا، فيخرج العبد من كل حوله إلى حول الله، ويخرج العبد من كل قوته إلى قوة الله ...

وقال الله تعالي لنبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لاَ يَمُوتُ} فتوكل يا محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على الرب الإله الحي الذي لا يموت {الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِين * وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِين*وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِين*وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِين*وَالَّذِي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّين}

وتدبر هذا الكلام فإنه والله من الأهمية بمكان، أقول: إن المسلم العاقل لا يتوكل إلا على الله فهو حسبه وكافيه، والمسلم العاقل يجعل الناس عليه لا له، فلا ينبغي أن يبني موقفا، أو أن يتخذ قرارا يعتمد فيه على الناس، وذلك لأن الناس لهم حدود في التضامن والتضيحة، ولهم مدى في البذل والعطاء لا يتجاوزونه، ولكن عطاء الله تعالي لا ينفذ ولا ينقطع؛ فهو جل وعلا الحي الذي لا يموت،

وإن كنت سأدلل على هذا المعنى؛ فأضرب لذلك مثالا واحد من التاريخ الأسلامي وهو (الحسين بن على بن أبي طالب) - رضى الله عنهما - وهو من هو ابن بنت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وسيد شباب أهل الجنة، يغره أهل العراق، يقولون له تعال نبايعك على ملكك وملك أبيك، ونكون لك نعم المعين ونعم النصير، ثم ماذا؟ تخلوا عنه، وتنصلوا منه، حتى ذبح - رضي الله عنه وأرضاه - ذبحا، وسيقت رأسه مع التكبير والتهليل، ولا تنبت الأمة - لا أقول أهل العراق - ببنت شفة، بل الذين قتلوه يكبرون ويهللون كأنهم نصروا الأسلام وأعلوا رايته، وإنا لله وإنا إليه راجعون ...

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير